رواية ومضت أيام اللؤلؤ – إحسان عبد القدوس
تدور الرواية حول شخصية تتمثل فى كاتب قصصى معروف . تضم قصصه أرائه وتحليلاته للمشاكل الإجتماعية و المشاكل التى يتعرض لها أفراد المجتمع. يعتقد هذا الكاتب أن كل قصة هى أقوى أداة للتعبير عن مجتمع غريب و كشف أسراره. يسمع الكاتب قراءه الذين يعانون من مشاكل و يحلل شخصياتهم أى أنه كان يقوم بدور كالطبيب النفسى و بالتالى هذا يوحى إليه بقصة جديدة قد يكتبها و ينشرها. قرأ الكاتب كثيرا ً فى علم النفس و هذا ما ساعده فى حل مشاكل قراءه. وفى إحدى المرات جاءت إليه واحده من المعجبات به و بقصصه و تسمى هذه الفتاة “نوف”و طلبت منه أن تقابله لأن لديها مشكلة تريد منه أن يساعدها فى حلها .كانت “نوف” فتاه غير مصرية و هذا ما كان يشده إليها لأن قصتها تعد قصة جديدة عليه و لأنه شبع من قصص أهل مصر.كانت تقابله فى مواعيد مختلفة و فى كل موعد تقص عليه جزء من مشكلتها و لكنها كانت تدعى أن المشكلة هى مشكلة إحدى صديقاتها. “ودود”(و التى هى نوف) من عائلة عربية ثرية وكان جدها “عبد الله الطواش ” من كبار تجار اللؤلؤ و لكن هذه التجارة ضاعت بعد أن إخترعت اليابان وسيلة لتربية القواقع و بالتالى تحول مجتمع اللؤلؤ إلى مجتمع البترول. ولكن عائلتها ظلت غنية وذلك لأنهم أصبحوا من أصحاب البترول . كان أبيها “عدوان” الإبن الأكبر له غرور و عناد أخذهم عن أمه و لكنه ليس لديه ذكاء و خبرة أبيه المهنية فضاعت شخصيته بين أهله . كان متزوج من أكثر من إمرأه حيث إنه كان يعامل زوجاته فقط على أنهم وعاء لطبخ العيال و كان يحق له هذا لأن الرجل فى هذه الدولة العربية له الحق أن يتزوج بأكثر من واحده و قد تصل إلى عشرين . أبيها كان دائما ً مسافرا ً . لايأتى إليهم إلا مرة فى السنة حتى إذا جاء لا يجلس معهم و لكنه يجتمع بأصحابه فقط .كانت ” ودود”تحب أباها كثيراً على الرغم من إهماله لها و كانت تفعل أى شئ حتى تلفت إنتباهه لها .فأخذت تكتب له رسائل و ترسلها إليه حتى أرسل إليها فى إحدى الأيام خطاب يدعوها فيه للقدوم إليه فى لندن . كان مجتمع لندن مختلف تماماً عن مجتمعها الذى يتميز بأنه مجتمع يبيح الحرية داخل الجدران و يحرمها خارج الجدران فهو مجتمع يخاف الحقيقة و يخفيها تحت ما يسميه التقاليد . فكان مجتمع لندن مجتمع متفتح يتميز بالحرية وكانت “ودود”تضيع فيه . تزوجت ودود مرتان . فشلت فى زواجها الأول .أما عن زواجها الثانى فعلى الرغم أن كل ما فيه من هدوء و إستقرار إلا أنه يبدو كالأكل والشرب ليس فيه إحساس بإندماج الشخصية بين الزوج و الزوجة.كان يفتت إحساس “ودود” بأن المرأه فى بلدها ليست سوى إناء لأنجاب الأطفال و أن الناس يقولون عنهن بأن المرأة فى بلدهن يد مملؤه و عقل فارغ. فكانت تثور عليهم و تتمنى لو كانت تستطيع أن تقنع الناس بأن عقلها مملوء حتى و لو كانت يدها فارغة. فهى تتمنى فى النهاية لو كانت جاهله كبقية نساء بلدها و تستسلم للواقع . فرد عليها الكاتب أن مشكلتها ما هى إلا وصف تفصيلى لمجتمع عربى و أنها لا تعانى إلا من مشكلة واحدة يعانيها كل أهل بلدها ألا وهى مشكلة التطور . التطور المتمثل فى التطور بين المجتمعات و تطور المجتمع من مرحلة لأخرى.تحليل الرواية :لا تختلف شخصية الكاتب كثيرا ً عن شخصية أى كاتب آخر. فهى شخصية تحب أن تتعرف على كل ما هو جديد و تتطلع لمقابلة أشخاص مختلفة من بلدان مختلفة و بالتالى تستطيع أن تنقل من خلال كتاباتها صورعن مجتمعات ذات تقاليد و عادات متنوعة وأن تكشف عن أسرار هذه المجتمعات .و هذه الشخصية تلعب دورا ً آخر ألا و هو دور الطبيب النفسى الذى يعالج مرضاه عن طريق الكلام. فنلاحظ أن كاتب الرواية إهتم كثيرا بالجانب النفسى الداخلى للشخصيات و أيضا ً الصراعات النفسية الداخلية .فالصراع الداخلى مثلا ً فى شخصية الكاتب يتمثل فى الصراع بين شوقه و لهفته لمقابلة” ودود”والإستماع إلى قصتها و بين مقاومته لنفسه حتى لا يفتتن بها . تعد شخصية الكاتب شخصية ثابتة. لم يطرأ عليها أى تغيير حيث أنها ظلت كما هى من بداية الرواية حتى نهايتها .فهى أيضا ً شخصية مفهومة واضحة لا تخفى أسراراً. أما عن شخصية الفتاه “ودود” فهى شخصية فتاة عربية ثائرة على مجتمعها وعاداته و تقاليده . تحاول هذه الشخصية ًأن تتطور ولكن دائما ًما توجد عوائق تمنعها من أن تتطور بشكل سليم .هى شخصية فتاة مثقفة ذكية مختلفة عن باقى الفتيات فى مجتمعها العربى . كشفت هذه الشخصية كيف تتم معاملة النساء فى البلدان العربية حيث أنهن يعاملن على أنهن أشياء مادية تباع و تشترى و أيضا ً على أنهن مجرد أدوات لإنجاب الأطفال. هذه الشخصية تحاول كثيرا ًأن تغير هذه الحقيقة إلا أنها لا تستطيع لأن إذ أراد الإنسان أن يغير مفهوم أهل دولة كاملة فإنه يحتاج إلى ثوره بل إلى حرب وفى النهاية لا يمكن التأكد من الفوز. شخصية “ودود” شخصية متغيرة . تطورت خلال مراحل مختلفة فى حكايتها فى الرواية. فهى فى البداية عندما كانت لا تزال داخل مجتمعها لم يطرأ عليها تغيير كبير ولكنها عندما سافرت إلى لندن و مصر تطورت و تغيرت وأصبحت تأخذ طباع كل دولة . فأصبحت أكثر تحررا ً. تعد شخصية “ودود” أيضا ً شخصية غامضة تخفى الكثير من الأسرار . ففى بداية الرواية لن نستطيع أن نفهم من هذه الفتاه و ما الأسرار التى تخفيها و لكننا فى النهاية نتعرف على هذه الأسرار التى تخص مجتمعها و أيضا ً على مشكلتها التى تعانى منها.العلاقة بين الشخصيتين تشبه العلاقة بين الطبيب النفسى و إحدى مرضاه. سنلاحظ وجود علاقات مختلفة فى الرواية مثل علاقة الأب وإبنته(علاقة الأب “عدوان ” بإبنته”ودود”)ومثل علاقة الحب (بين “ودود”وحبها الأول الطيار “عبد الرحمن”) . ظهرت شخصيات مختلفة فى الرواية مثل شخصية “الجدة”الصارمة الذكية المغرورة و شخصية “عفاف”الزوجة المصرية لعدوان التى تزوجته ليس على حب و لكن لأنة زوج ثرى مناسب يستطيع أن يعطيها ما ترغب فيه . إهتم إحسان بوصف دقيق للشكل الخارجى لشخصية “ودود” مثل[أنفها طويل و شفتاها عريضتان شعرها أسود غامق].تمت أحداث الرواية فى مكانيين رئيسيين هما غرفة فى فندق شيراتون و مكتب الكاتب فى بيته. أستخدم إحسان ألفاظ سهلة و بسيطة وواضحة . يتميز إسلوبه أيضا ً بالسلاسة حيث أنه مزج بين اللغة العربية الفصحى و بعض الألفاظ العامية مثل[عيال،إناء،طبخ]. قام أيضا ًبالإستشهاد بآية قرآنية[فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم]. أعتقد أن الرواية رائعة لأنها تعرض لنا أسرار مجتمع عربى جديد لم يعرفه أحد من قبل . إلاإننى أتعارض معه فى نقطة ألا و هى أنه فى بعض الأحيان كان يتعدى حدود الحياء و تتساوى كتاباته بكتابات كتاب أوروبيين آخرين و تفقد الطابع العربى المحترم.
تذكر أنك حملت الرواية من موقع قهوة 8 غرب