كتاب أربع وعشرون ساعة من حياة سقراط – ساندرين ألكسندر
المدينة مريضة، وهي لا تدرك ألمها، ولم تعد تميز ما قد يفيدها حقا، وتخلط بين الخير ومآسيه. فأثينا مصابة بعمى البَصِيرَة. لقد كشف سقراط عن الطبيعة الفاسدة للمؤسسات من خلال طريقة تصرفه باستمرار، وطريقة مخاطبته القضاة التي دفعتهم إلى الخطأ. بطريقة أو بأخرى، يكشف سقراط عن الطبيعة الفاسدة للمؤسسات؛ إذ إن مجرد حبة فول تمنح هذا أو ذاك السلطة للنطق بأمور تتطلب تدريبًا مسبقًا؛ إنها تتطلب، على أية حال، تعليمًا مختلفًا عن الموسيقى أو الجمباز أو فن الخطابة.
لقد بين سقراط أنَّ المدينة يحكمها أشخاص لم يتلقوا أي تعليم يمكنهم من التمييز بين العادل والظالم وما يظهر أنه كذلك. وعليه، فإنَّ الدور النقدي لسقراط لا يأخذ معناه التام إلا عند الرجوع إلى الماضي، بعد تجميع مجمل أجزاء اللغز التي أدت إلى إدانته. كيف يمكن لسقراط أن يدعي أن المدينة عمياء تماما ما لم يكن مدانًا قانونيًا ؟ لا بل كيف سيتم سماعه؟ إن هوسه بالتحدث إلى الجميع ليس سوى أحد العناصر لاستراتيجية تشكل الإدانة نهايتها الوحيدة. لكي تتغير المدينة، يجب ألا نخبرها بأنها مريضة، بل يجب أن نضع ذلك أمام أنظارها أخيرًا، ونبهرها حتى تستعيد بصرها.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب



