كتاب أعمال محمد الماغوط – محمد الماغوط
“أيتها الجسور المحطمة في قلبي، أيتها الوحول الصافية كعيون الأطفال، كنا ثلاثة، نخترق المدينة كالسرطان، نجلس بين الحقول، ونسعل أمام البواخر، لا وطن لنا ولا أجراس، لا مزارع ولا سياط، نبحث عن جريمة وامرأة تحت نور النجوم، أقدامنا تخب في الرمال تفتح مجارير من الدم؛ نحن الشبيبة الساقطة، والرماح المكسورة خارج الوطن. مَن يعطينا امرأة بثياب قطنية حمراء؟ مَن يعطينا شعباً أبكماً نضربه على قفاه كالبهائم؟ لنسمع تمزق القمصان الجميلة، وسقسقة الهشيم فوق البحر”.
يعتبر محمد الماغوط من أبرز الثوار الذين حرروا الشعر من عبودية الشكل. دخل ساحة العراك حاملاً في مخيلته ودفاتره الأنيقة بوادر قصيدة النثر كشكل مبتكر وجديد وحركة رافدة كحركة الشعر الحديث. كانت الرياح تهب حارة في ساحة الصراع، والصحف غارقة بدموع الباكين على مصير الشعر حين نشر قلوعه البيضاء الخفاقة فوق أعلى الصواري. وقد لعبت بدائيته دوراً هاماً في خلق هذا النوع من الشعر؛ إذ أن موهبته التي لعبت دورها بأصالة وحرية كانت في منجاة من حضانة التراث وزجره التربوي. وهكذا نجت عفويته من التحجر والجمود، وكان ذلك فضيلة من الفضائل النادرة في هذا العصر.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب