كتاب إدوارد سعيد والمؤثرات الدينية للثقافة – وليام د. هارت
هو كتاب عن إدوارد سعيد، ليس فقط بوصفه مثقف رفيع الطراز، بل هو عرض لنقده لعديد من المفكرين والفلاسفة ومثقفي العالم الذين ملئوا السمع والبصر، إدوارد هنا يناطحهم الكلمة بالكلمة والفكرة بالفكرة ليترك لنا الكاتب في النهاية حكمنا عما عرض.
هي دراسة في غاية الأهمية تفتح لنا آفاقًا جديدة لفهم الكثير من القضايا ، أما كاتب الدراسة فهو أستاذ مساعد في علم الأديان بجامعة ديوك، وتدور اهتماماته حول التقاطع بين الفكر الديني والنقدي، ومن هنا لا نراه غريبًا حين يختار واحدًا من أهم النقاد ليلقي الضوء على أفكاره وارتباطها بالدين(إن وُجد أصلًا).
يتخذ الكاتب من كتاب لمايكل فالزر (الخروج والثورة) أساسًا لكتابه، وهذا لما أثاره هذا الكتاب من غضاضة في قلب سعيد، فوجه له دراسة نقدية شديدة التميز أبانت ضحل عرض الكاتب ومدى استخفافه بعقلية القارئ كما تبادل الرجلان رسائل لاذعة بينهما، ومن ثَم يتطرق هارت لعرض نظريات العديد من الفلاسفة عبر فصول كتابه مثل: ماثيو آرنولد وثيودور أدورنو و أنتونيو غرامشي وماركس ونيتشه وفوكو وتشومسكي ، وكيف توضح أراؤهم أراءه.
يستهل لكاتب مقدمة كتابه بإشارات خفية لاهتمام سعيد الشديد بالدين رغم علمانيته ومن هنا نجد الكاتب يقول في معرض حديثه :
(ما هي أنواع العلاقات الملائمة التي يمكن أن تربط النقاد العلمانيين مع الدين؟ هل عليهم التخلي عن انتماءاتهم الدينية؟ وتجنب اللغة الدينية بحذق بالغ، والنظر إلى تنشئتهم الدينية بحرج أو احتقار، وعدّ انتماءاتهم الدينية أمورًا خاصة، وملائمة لمجالاتهم الخاصة، أو هل من الممكن إنتاج وصقل مزاج لعوب،وشكلي ومقدر، لكنه تهكمي تجاهها؟ أيهما أكثر راديكالية- أي ، أيهما أكثر احتمالية لتحقيق النتائج التي نريدها؟ أي المنهجين أكثر احتمالًا في تقويض السمات المقززة وغير المرغوبة عند الحديث عن الولاءات الدينية، وفي الوقت نفسه عند رعاية كل ما هو حميد ومفيد؟)
ويواصل عرضه لفكرته قائلًا : سعيد ليس مفكرًا دينيًا، بيد أن هذا لا يعني أنه لا يأبه بالدين، على العكس، فالدين بالنسبة له شئ لا يستطيع احتماله سهولة، ولا يمكن أن ينحيه جانبًا، الدين بالنسبة له قضية على عكس أولئك الذن لا يأبهون به والذين نسمهيم خطأ علمانيين. تمثل العلمانية في هذا السياق علاقة ذات نوع خاص بالدين. إنها اهتمام شكي أو حذر أو عدائية. فالمفكرون العلمانيون منغمسون برسم الحدود وصيانتها ، بين الحد الذي تنتهي عنده العلمانية والحد الذي يبدأ عنده الدين. فالعلمانية هي رغبة الفصل بين الأشياء التي لا تنسجم مع بعضها جيدًا مثل: الكنيسة والدولة ، والعام والخاص. إنها أيضًا الرغبة في خلط ما يفرقه ويقسمه الدين. لذلك فالعلمانيون يتلذذون بتلويث ما يعدّه الدينيون نقيًا طاهرًا، إنهم يسخرون من فيتشية الطهر والنقاء لكن غالبًا تحت نوع مغاير من الطهر والنقاء.
ويواصل الكاتب تعمقه في فكر إدوارد سعيد مازجًا بين علمانيته ومحاولته المستميتة في المحافظة على مؤثراته الدينية اللازمة له للحفاظ على استقامة فكرية تقيه من انعواج في استقامة فكره، وهنا كانت الحاجة لعرض وجهات نظر المفكرين الآخرين ونقد إدوارد سعيد الصادق لها والذي وضعه في مكانه محفوظة له يعترف بها الجميع.
الكاتب يركز دائما في ثنايا كتابه على أن هذا مجرد عرض لقراءته الشخصية لكتابات سعيدومحاولة فهمه لها، ويبدو عليه التأثر الشديد بشخصية سعيد شديدة الخصوصية، ومن هنا كان عرضه الصادق (الجانبي) لقضية فلسطين وتركيزه على القضية اليهودية العبرانية منذ القدم وتركيزه على عرض ماركس لهذه القضية والتي فيها يعادي ماركس جلدته، بينما قام هرتزل بتطبيق عملي لفكرة مريحة له ولقوى الامبريالية.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب
لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا