كتاب الأغاني – محمد عبد العال
أهمية كتاب «الأغاني» تأتي من آراء المؤلِّفين الذين كادوا يتفقون على أن كتاب «الأغاني» أضخم موسوعة أدبية وتاريخية، جمعت بغزارةٍ المادَّة الأدبية والتاريخ الذي امتد من أعماق العصر الجاهلي إلى ذروة الحضارة العربية الإسلامية في العصر العباسي حتى سنة 289ﻫ/ 903م، فضلًا عن السعة في التراجم والسير، الأمر الذي جعل من كتاب «الأغاني» مكتبةً مستقلَّةً في نظر كل مَن اطلع عليه.
وعلى الرغم من اهتمام أبي الفرج بالغناء وأهله إلا أن متصفِّح الكتاب يكتشف أن أبا الفرج كان يتخذ من الغناء جسرًا يصل بينه وبين الشاعر وشعره، والأديب ومذهبه الفنيِّ، وصلة الشاعر بملكه وعلاقته بأميره، وقربه من الخليفة. وقد تلازم في كتاب «الأغاني» الشعر والخبر إلى حدٍّ كبير؛ فالكتاب كتابٌ أدبيٌّ لكنه حوى من الروايات التاريخية التي تتصل بحوادث مهمة في التاريخ الإسلامي، ولم يقف التلازم بين الشعر والرواية التاريخية على مؤلَّفات الأدباء ممن صنَّفوا في التاريخ، بل كان سُنَّة تأليفية تعاهدها جمهور المؤلفين على اختلاف مناهجهم العلمية ومنازعهم النظرية، مما يستوجب على الباحثين ضرورة النظر في هذا التلازم الذي لا يكف يخدم المدرستين التاريخية والأدبية على السواء؛ فهو يخدم التاريخ بفحصه مضامين الشعر، وقياسه مدى التوافق أو الاختلاف بين النَّصِّ التاريخي ممثلًا في السرد الخبري، والنَّصِّ الشعري ممثَّلًا بالأبيات المضمَّنة.
كما يخدم الأدب من خلال تحديد قيمة الشعر في مقابل المعارف الأخر، من تأريخ وسياسة واجتماع.. وغيرها؛ ليلقي بذلك الضوء على نمطٍ معرفيٍّ شغل نقَّاده كثيرًا بسياقاته الجمالية شغلًا كاد يفرغه من القيمة، وأغفلوا دوره الكبير في الفهم الدقيق لحقائق الأشياء وظواهرها.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب