كتاب الأيروسية – جورج باطاي
قسّم باطاي كتابه إلى قسمين رئيسيين، خصص أولهما لتناول الإيروسية باعتبارها تجربة باطنية وذلك في علاقاتها المتشعبة مع التجارب الحياتية الأخرى كالموت مثلا. ذلك أن مجال الإيروسية هو ميدان العنف والخرق بامتياز. وينطوي القسم الثاني على دراسات متفرقة حول نفس الموضوع، جمعها باطاي وضمها إلى كتابه. يرى جورج باطاي أن الإيروسية هي النشاط الجنسي للإنسان. ويكون النشاط الجنسي بالتالي إيروسيا متى لم يكن حيوانيا، إلا أن باطاي أكد بأن الانتقال الذي مكن الإنسان من الافتراق عن الحيوان ظلت تفاصيله مجهولة بالنسبة إلينا، فلم نعرف بالضبط متى حدث ذلك وكيف، نعرف فقط أن الإنسان عندما صنع الأدوات غادر بذلك العالم الحيواني بفضل العمل، والذي مكنه بالتأكيد من تحصيل قوت يومه، ومن توفير بعض الكماليات.
لكن عالم العمل اتسم بالتعقل ضدا على العالم الذي كان يحيا فيه الإنسان قبل الانخراط في نشاطات الإنتاج، الشيء الذي جرّ معه سلسلة من المحظورات لابد من مراعاتها. من بين ما مسته الممنوعات نجد الحياة الجنسية. إذا كنا نعرف تقريبا، استنادا إلى الدراسات التي تناولت حقبة ما قبل التاريخ، الفترة التي اخترع فيها الإنسان الأدوات، وتمكنا من الإطلاع على الرسومات والتجسيدات التي تعود إلى ذلك الوقت، والتي تدل على كون الطابو المرتبط بالموت كان فارضا نفسه منذ تلك الفترة، فإن الطابو الجنسي لم يكن واردا التأكيد على قدمه، بالرغم من كونه لا يمكن إلا أن يظهر في ظل تلك الظروف التي بدأ الإنسان يتهيأ فيها للدخول إلى عالم منظم تقننه الضوابط والممنوعات التي كان لزاما أن تسيّج عالم العمل وتجنبه الفوضى التي تتأتى من العنف الذي يتجسد في الجنس، كما يتخذ الموت أكثر نتائجه بشاعة.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب