كتاب الإبداع الاصطناعي – هويدا صالح
في عام 2018، قرأتُ تقريرًا في الواشنطن بوست عن لوحة أُنشِئت بواسطة الذَّكاء الاصْطناعِي، بِيعَت في مزاد كريستيز لندن مقابل 432.500 دولار. ساعتها انشغلتُ جدًّا بموضوع الآلات الذكية التي يُمْكن أن تفكِّر مثل البشر، خصوصًا أنني كنت مُتيَّمة بفيلم “أنا روبوت” الذي أُنتِج عام 2004، عن الآلة، وكيف يُمْكِن لها أن تفكِّر خارج ما وضعه لها صانِعُها، وكيف يُمْكن لها أن تتمرَّد على ذلك المُنشِئ البشريُّ، بَلْ تحاولُ قتلَه.
ومنذ ذلك الوقت وأنا أفكِّر في تأليف كتابٍ عن الذَّكاء الاصْطناعِيِّ والآلات الذكيَّة المفكِّرة، وكيف يُمْكن لها أن تنتج فنًّا أو أدبًا، وقد سلَّط بيعُ هذهِ اللوحة -بمبلغ كبير- الضوءَ على قدرة الذَّكاء الاصْطناعِيِّ على إنتاج أعمال فنيَّة قابلة للتسويق، الأمر الذي أثار تساؤلاتي وتساؤلات مجتمعِ الفنون التشكيلية حول العالم عن مستقبل وجودِ فنانين بشريين في إنشاء قطع فنيَّةٍ قيمةٍ.
لكن ما جعلني أتراجعُ عن تأليف هذا الكتاب الطَّموح -والذي كان من الممكن أن يكون الأول في تخصُّصه في الثقافة العربية- أن إسهام الثقافة العربية في موضوعات شديدة التخصص ومتقدمة علميًّا بهذا الشكل قليل جدًّا، حتَّى بعد تطور الذَّكاء الاصْطناعِيِّ ووصوله إلى تفاصيل حياتنا اليومية بدايةً من الهاتف الذكي الذي نحمله، مرورًا بإنتاج اللوحات التشكيلية وتصميمات الجرافيك وصناعة الكومكس وكتابة النصوص الأدبية، وابتكار أفلام بممثلين اصطناعيين، وليس انتهاءً بمواقع التواصل الاجتماعي التي تستخدم ذلك الذكاء الاصطناعي في توجيه إعلاناتٍ مُمولة يتم إيصالها بشكل دقيق لأصحاب اهتمامات وتفاعُلات محددة، ترشحهم ليكونوا عملاء مُحتملين لكل مُنتَج مُعلَن عنه.
إلا أنَّ التحوُّل الحتميَّ من الرقمنة البسيطة إلى الإبداع القائم على مجموعات من التكنولوجيات يُجبر الجميع على إعادة النظر في الطريقة التي نمارس بها أعمالنا في مجالات الآداب والفنون والصناعات الثقافية، بل سوف تُجبر المبدعين في هذه المجالات جميعًا على الابتكار بلا هوادة وبشكل مستمر للحاق بالتطور اللحظي للآلة، لذا اخترت هذه الدراسات المتنوعة التي تبحث في مستقبل كل هذه المجالات، لتساهم في دعم المحتوى العربي الشحيح.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب