فكر وثقافة وإيديولوجيا

كتاب الإله المجهول (عن اللاأدرية) – أنتوني كيني

تقف لا أدرية الفيلسوف الإنكليزي أنتوني كيني ضمن هذا الكتاب في موقف مقابل للتيارات اللاهوتية والفلسفية في معرفة الله، ولا تعني لا أدريته إنكاراً لوجود الله أو عدم الإيمان بوجوده، بل التصريح بمحدودية قدرتنا نحن البشر على معرفته والإقرار بأننا لا نعرف ولا ندري ولا يمكننا وصف الله بمفردات وبلغة صنعناها نحن على شاكلتنا، ونحن جاهلون بماهيته ولكن اللاأدري لا يشك بتاتاً في أن هناك حقيقة لابد من معرفتها في هذا الصدد. وينتقد الداروينية والأدلة الأنطولوجية والكونية التي اعتقدت في إمكانية تقديم براهين على وجود الله؛ لأن أي وصف تقدمه سيعتمد على ما يحتويه العالم المادي من موجودات، ولن يتم سوى عن الجهل وعدم الفهم، ولا يمكن الحديث عن الله إلا مجازاً، ولا يعني المجاز هنا أن هناك إله له خصائص كذا وكذا، ومن خصائصه أنه لا يمكن التحدث عنه إلا بشكل مجازي بل أن أي جملة تظهر فيها كلمة الله، لها محتوى مجازي غير قابل للاختزال؛ وهذا لا يعني أنها فارغة من المعنى، أو غير مهمة أو لا ينبغي أن يكون لها أي عواقب على مواقفنا الأساسية. والله ليس كلمة ضمن لعبة لغوية فلسفية، ولا تمتلك الفلسفة حقائق بشأنه، وإن كان المجاز يفيد في هذا؛ فإن خير ما يمكن الاستدلال به ما قدمه الشعراء اللاأدريين من قصائد كمحاولة للتعبير عما لا يمكن التعبير عنه حرفياً.

ويصح عندها القول: إنه إله مجهول يغفر ويرزق من دون اسم ووصف، وما من مكان للبحث عنه سوى في أعماق أنفسنا، وليس هناك من تعبير يمكن الإحاطة بمعناه ومدلولة إلا وأوصلنا إلى تناقض ذاتي أو صوراً غير مرتبطة بالواقع، ولا يمكن اكتشافه بعقول فانية، وكيف يمكن للفان أن يدرك الخالد، الله؛ الذي لا نظير، ولا قياس، ولا استعارة قادرة على وصفه، وأي خطاب له في صلواتنا وتضرعنا لا يكون إلا مجازاً. وأي وصف لعرشه يعجز عن الإتيان بمعناه الدقيق، إذ يتربع عرش الله في نور يتعذر الوصول إليه، وخيره مبهم، ويتعذر على الجميع فهمه لأنه يفوق كل فهم حيث تجهد النفس في الرؤية لكنها لا تستطيع أن ترى أي شيء يفوق ما تراه غير الظلمة، لكنها لا ترى الظلمة حقاً؛ لأنه ما من ظلمة عنده سبحانه. والله ليس فقط ما لا يمكن التفكير في أعظم منه، بل هو ذاته أعظم مما يمكن التفكير فيه ولا نمتلك أي فكرة عن ماهيته حتى أولئك الذين اعتقدوا أن لدينا تصوراً عنه بمعنى قوي إلى حد ما، فشلوا في القول بامتلاكنا أي فهم لماهيته. ولا يمكننا وصفه؛ لأن الله روحاً ولا يمكن رؤيته بالعين البشرية. ولا يمكن تصوره بأي عين باطنية، ولأن الله يفوق الوصف فلا يمكن التعبير عن طبيعته في اللغة، ولا يمكن لأي فكر بشري أن يفهمها مهما كان مجرداً.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

للتحميل اضغط هنا

لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى