كتاب الانتحار – إميل دوركايم
دراسة إميل دوركايم لظاهرة الإنتحار(1952) نشرت في الاصل عام 1897، وتمثل هذه الدراسة معلما بارزا في بحوث علم الاجتماع التي تتقصى العلاقة بين الفرد والمجتمع. فعلى الرغم من ان البشر يعتبرون انفسهم افرادا يتمتعون بكامل الارادة والحرية، الا أن أنماط سلوكهم كثيراً ما يجري تشكيلها وصياغتها مجتمعيا. وتهضر الدراسة التي نحن بصددها انه حتى فيما يبدو انه فعل وقرار شخصي محض مثل الانتحار، فإن العالم الإجتماعي المحيط به له اثره الكبير. وقد أجريت قبل دراسة إميل دوركايم، عدة دراسات عن الإنتحار، غير انه هو الذي أصرّ على تقديم تفسيرات سوسيولوجية لهذه الظاهرة.
فكما اعترفت الدراسات السابقة بتأثير العوامل الاجتماعية على الإنتحار، غير انها تطرقت الى اعتبارات من نوع العرق، والمناخ، والاضطرابات العقلية لتفسير ميل فرد ما الى الاقدام على الإنتحار.
اما بالنسبة الى إميل دوركايم، فإن الإنتحار لديه هو حقيقة إجتماعية لا يمكن تفسيرها الا بحقائق إجتماعية اخرى، فالإنتحار اكثر من مجرد حقائق مفردة، لا نه يمثل ظاهرة تحمل انماط متعددة من الخصائص. وفحص إميل دوركايم السجلات الرسمية للإنتحار في فرنسا، فوجد ان فئات محددة من الناس كانوا اكثر ميلا لا قدام على الإنتحار من غيرهم، اذ وجد على سبيل المثال، زيادة معدلات الإنتحار في اوساط الرجال بالمقارنة مع النساء، وفي اوساط البروتستانت مقارنة مع الكاثوليك، وبين الاثرياء مقارنة مع الفقراء، وبين العازبين اكثر من المتزوجين.
ولاحظ كذلك ميل معدلات الإنتحار الى الإنخفاض في اوقات الحرب، والى الإنخفاض في اوقات التغير او عدم الإستقرار الإقتصادي. ولخص إميل دوركايم من هذه النتائج الى ان ثمة قوى خارجة عن نطاق الفرد تؤثر في معدلات الإنتحار. وربط هذا التفسير بمفهوم التضامن الإجتماعي، وبنوعين من الروابط داخل المجتمع هما: التكامل الإجتماعي ، والتنظيم الإجتماعي.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب