كتاب البربر (ذاكرة وهوية) – غابرييل كامب
يكتسي هذا الكتاب أهمية خاصة، لاعتبارات عديدة؛ يأتي في مقدمتها ما صار للبربر (الأمازيغ) اليوم من المكانة المتعاظمة في البلدان المغاربية عامة، وفي المغرب بوجه خاص؛ كما نرى بعض أوجهه في اتساع نطاق الحضور الثقافي والإعلامي الذي صار يحوزه المكون البربري (الأمازيغي) في هذه البلدان، والاهتمام الكبير الذي صارت تلقاه اللغة البربرية (الأمازيغية) في دساتيرها وفي برامجها التعليمية. فهي اعتبارات قد عززت من الحاجة إلى مزيد تعرف على أصول البربر، ورحلتهم المديدة في التاريخ، وإبراز ما كان لهم فيه من ألوان المساهمات، والتعرف إلى تقاليدهم، وأساليبهم في العيش واستكناه العناصر المكونة لثقافتهم واجتماعهم.
وفوق هذه الاعتبارات الراهنة، هنالك اعتبار آخر بالغ الأهمية، وقد كان كذلك من موجهات كامب إلى الاشتغال بهذا الموضوع؛ نريد خصوصية البربر المائزة لهم بين سائر الأقوام التي عمرت عالمنا من قديم الأزمان، فالبربر قد عمروا فوق ما عمر سواهم كثيرون. والبربر قد صمدوا لتقلبات التاريخ، وغزو الغزاة، ومحاولات الاحتواء، والطمس، والتذويب؛ فكأنهم المجرى الثابت الذي ظل موصولا بعد انقضاء الحضارات والدول والإمبراطوريات التي تعاقبت على منطقة شمال إفريقيا. ولا تزال ترى للبربر اليوم وجودا في أكثر من اثني عشر بلدا، وعلى نطاق يمتد من غرب مصر إلى أقصى الشمال الإفريقي، ومن البحر الأبيض المتوسط إلى جنوب النيجر.
وكامب يروم بهذا الكتاب استجلاء تاريخ هذه الأقوام، بعد أن كان الجهل سائدا بمعظم جوانب تكونها وخصوصيتها، وهي التي يصل تعداد أفرادها اليوم إلى حوالي ستة عشر مليونا ويبحث في الأسباب من وراء ذلك الاحتواء الصارخ الذي وقع على البربر خاصة من الحضارة العربية الإسلامية. وجاء كامب يفكك الأساطير والخرافات التي نسجها الأجانب والعرب سواء بسواء بشأن البربر وثقافتهم وأصولهم. والكتاب يمثل أول محاولة في مقاربة تاريخ هذه الأقوام بالتوسل بجماع من العلوم – تدخل فيها الحفريات، والجغرافيا، والعراقة، واللسانيات، إلخ. – وهاجس تركيبي لائح للملمة شعث تاريخ من الصراع لصون الهوية البربرية من رياح الاجتياحات الأجنبية لأقوام ضاربة بجذورها في أغوار التاريخ الإنساني.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب