كتاب الترجمة وتاريخها الطبيعي – شارل لو بلان
إذا كان ازدهار دراسات الترجمة قدْ أدّى في السنوات الأخيرة إلى تشعُّب مساراتها وأحيانًا إلى تناقضات في التفكير حول أولويّاتها، فإن معظم الباحثين فيها يشتركون فيما بينهم بأنهم يبدأون بطرح سؤالٍ واحد وجوهريّ هو: ما الترجمة؟ يحاول «شارل لو بلان»، أنْ يُجيب على هذا السؤال بطريقة جديدة، وهي تحديد طبيعة الترجمة من خلال «رواية تاريخها». فهو يتتبع في هذا الكتاب أوضاع الترجمة من العهود القديمة إلى عصرنا الحاليّ، ويرسم صورة شاملة ودقيقة في الوقت نفسه لمسارات الترجمة.
وهو إذ يقوم بذلك لا يحصُر نفسه في إطار الأعمال المترجَمة عبر تاريخ البشرية، بل يتعدّاها ليضع «القارئ والقراءة» في أساس مسار الترجمة كله. ويكونُ بذلك تاريخُ الترجمة الذي يقدمه تاريخًا لأنماط القراءة ولنماذج القرّاء التي شهدها تاريخ البشرية. ذلك ويبني المؤلف كلَّ تفكيره السردي والتحليلي هذا على أسسٍ وقواعد فلسفية ثابتة معروفة. حقًّا، هذا كتابٌ «يروي» تاريخ الترجمة و«يقصّ» الحوادث التي جرت لها.
فالمؤلف ينطلِقُ من خمس أقاصيص عالمية ليستخرج من كل واحدة منها جانبًا من جوانب «القراءة-الترجمة». بناء المعنى، والمؤلِّف صاحب السلطة، والمترجِم حامل مفاتيح المعنى، والتأويل الذي يهدي إلى طريق المعرفة أو يبتعد عنها… كل ذلك يُبنى على خمسٍ من حكايات الجن وحكايات الأطفال. فالخيال الطفوليّ يُنيرنا أحيانًا في طريق المعرفة أكثر من منطق البالغين. ونحن لا ننسى أن «الطريق الذي يصعد هو نفسه الطريق الذي ينزل».
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب