كتاب الحريم وأبناء العم (تاريخ النساء في مجتمعات المتوسط) – جرمين تيليون
ليس من غير المألوف أن يقال إن معظم بلدان المتوسط سيئة السمعة في ما خص موقع المرأة الدوني . فعلى امتداد شمال إفريقيا وشطر واسع من الساحل الشرقي للمتوسط ، يغتال أهل العائلة امرأة منهم لارتكابها ((جريمة شرف) . ونادراً جداً ما يلقى المرتكب العقوبة التي يستحق . هكذا تعيش النساء حياتهن كلها في ظل ((حماية)) الرجال الذين هم الآباء والأخوة والأزواج .
وفي هذا العمل الكلاسيكي الذي صدرت منه عدة طبعات في فرنسا ، ترى جيرمين تيليون أن هذا الشكل المتطرف من الاضهاد ليس سلوكاً شاذاً يقتصر على عالم المسلمين . فهو جزء من ميراث مستمد من الوثنية الما قبل تاريخية ، والتي لا تزال تثقل على المجتمعات المسيحية والمسلمة سواء بسواء .
أما الابتكار الاجتماعي الفريد الذي عرفه المتوسط ، حيث يسترخي المُحرّم القرابي ويشيع زواج أبناء الأعمام ( وهو ما تسميه الباحثة “جمهورية أبناء العم” ) ، فهو مايؤسس لتدمير وضع المرأة ، كما لظروف أخرى اقتصادية وإنجابية تعود عليها بالسوء .
وإذا كانت سواحل المتوسط الشمالية قد غادرت “جمهورية أبناء العم” إلى “جمهورية المواطنين” الحديثة (ولو أنها خلّفت تأثيرات عديدة على المجتمعات الأوروبية والأمريكية) ، فإن سواحل المتوسط الجنوبية والمسلمة لم تفعل بعد .
ودعماً لأطروحتها ، تستنجد تيليون بأعمال مكتبة تمتد من هيرودوتس إلى القديس بولس وابن خلدون ، كما تعتمد على الأسطورة والأدب و الإثنوغرافيا والتاريخ الشخصي والتنقيب السوسيولوجي وقصص الحياة اليومية البديعة . ف”جمهورية أبناء العم” ، في النهاية ، عمل ساحر ومدهش في اتساع نطاقه ، يمزج بين المعاينة العلمية وذكاء الملاحظة والتأمل التي يستفز .
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب