كتاب الخروج من التيه (دراسة في سلطة النص) – عبد العزيز حمودة
في عالم تهدد فيه الثقافة المهيمنة التي أفرزها النظام الدولي الجديد بابتلاع الثقافات القومية، يصبح تطوير نظرية نقدية عربية بديلة ضرورة بقاء، بعد أن أصبحت الثقافة حصن المقاومة الأخير للأمة العربية في مواجهة تحديات القرن الجديد. كنا قد بدأنا محاولة التأسيس لنظرية نقدية عربية في “المرايا المقعرة” منذ أكثر من عامين. وفي تلك الدراسة نبهنا، عن طريق قراءة جديدة لنماذج من البلاغة العربية في عصرها الذهبي، إلى امتلاك تراثنا خيوطا كان يمكن جدلها اليوم في نظرية لغوية وأدبية متكاملة، لو لم نمارس القطيعة المعرفية مع ذلك التراث وسط انبهارنا بكل ما ينتجه العقل الغربي. واليوم نتابع محاولاتنا لتحديد معالم النظرية النقدية البديلة بالدعوة للعودة إلى النص وتأكيد سلطته، على أساس أن تأكيد سلطة النص لا بد أن يكون أساس أي عمليات تحديث للعقل العربي وتحقيق استنارته. وسلطة النص على وجه التحديد هي ما “نسفته” جميع المدارس النقدية الغربية التي افتتنا بها طوال القرن العشرين. بل إن المدارس النقدية التي أفرزتها ما بعد الحداثة، وصلت إلى إلغاء وجود النص ذاته. وفي محاولة نرجو أن تكون الأخيرة لنقض المدارس النقدية التي أفرزتها الحداثة الغربية وما بعدها، وتحقيق “الفطام” النهائي للعقل العربي، حتى ينتج حداثة عربية خاصة به، عمدت هذه الدراسة إلى تجسيد هول التيه الذي يعيشه المشهد النقدي الغربي منذ النصف الثاني من القرن العشرين. وداخل التيه النقدي الحداثي وما بعد الحداثي، فقد النص الأدبي سلطته، بعد أن تحولت “النظرية” إلى غول مخيف يلتهم كل الثوابت. والعودة إلى النص هي بوابة الخروج من تيه ليس من صنعنا، وأدخلنا فيه البعض على غير إرادة منا.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب