كتاب الخيال القوي – دانييل نيتل
الجنون هو اللغز المركزي في النفسية البشرية. خلقت أدمغتنا لتعطينا فهماً صادقاً عن الحقيقة، ولتسمح لنا بالاندماج في مجتمعاتنا، ولتساعدنا على أقلمة سلوكنا مع بيئتنا. وفي حالة المرض العقلي الشديد، يقوم الدماغ تماماً بعكس هذه الأشياء. يبني المعاني قلاعاً من التوهمات التخيلية، ويفشل في التأقلم، ويصبح غريباً ضمن سربه. مع ذلك فإن المرض العقلي ليس بظاهرة هامشية: فهو يوجد في جميع المجتمعات وفي جميع العصور التاريخية، وإن الجينات التي تكمن وراءه شائعة جداً. إذ توجد الخلايا التي تحدد الجنون بشكل مضعَّف في التفكير والإحساس السليمين. إن استمرار الجنون إذاً هو أحجية مريعة من وجهة نظر تخلقية ووجهة نظر إنسانية.
في “حلم ليلة منتصف الصيف” اقترح شكسبير ارتباطاً بين الجنون والإبداع الفني: المجنون، المغرم، والشاعر، كتب يقول: “كلها مصنوعة في الخيال”. أظهرت الدراسات الحديثة وجود علاقة بالفعل. إن معدلات المرض العقلي مرتفعة جداً في عائلات الشعراء، والكتاب والفنانين، مما يوحي بأن نفس الجينات، ونفس المزاج، ونفس القدرات التخيلية تعمل في الجنون وفي القدرات الإبداعية. لذلك فإن السبب في استمرار وجود الجنون هو أن الخلال التي تكمن وراءه لها ميزات نفسية مقابل الثمن النفسي الذي يدفعه المريض.
في الخيال القوي، يستكشف دانييل نيتل طبيعة المرض العقلي، والآليات الحيوية التي يكمن وراءه، ويربطه بالعبقرية الإبداعية. يتابع لينظر في موضع كل من الجنون والخيال المبدع في تخلق نوعنا البشري.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب