كتاب الديمقراطية (الإله الذي فشل) – هانز هيرمان هوبا
هل يستطيع المرء أن يتجاهل هذا العمل؟ قد نختلف مع هذا الكتاب أو نتفق، كثيرًا أو قليلًا، إلا أن كل هذه الاعتبارات لا تقلل من قيمته وفرادته وجدته وأصالة تحليله وقوته التفسيرية اللافتة. هذا كتاب إشكالي على نحو مستفز وصادم أحيانًا، كما أنه يتطلب درجة عالية من القدرة على التخيل بما يسمح برؤية الأشياء من منظورات جديدة ومغايرة وربما لم تدر في البال قط. ولسوف يكتشف القارئ أن هانز هيرمان هوپا -أستاذ الاقتصاد وتلميذ المفكر الألماني الكبير يورغن هابرماس قبل أن يصبح ليبرتاريا عنيدًا، منظِّر مثير للجدل، ولا تنقصه الحجة لا الاقتصادية ولا الأخلاقية، فهو يبتدئ بمقدمات مقنعة لينتهي إلى استنتاجات صادمة وغير مألوفة من مثل: (الديمقراطية فكرة شريرة وفاشلة وخطيرة، والتحول الديمقراطي تدهور حضاري مؤكد، والهجرة تمثل غزوًا ودمجًا قسريًّا، والمساواة الديمقراطية سرقة لأنها تتطلب نقلًا للملكيات ممن يملكون إلى من لا يملكون، والجمهوريات الديمقراطية ستنهار في أوروبا كما انهارت الملكيات، وأن انهيارها مسألة وقت فقط، وبرامج الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي ضرب من ضروب السرقة ستقود حتمًا إلى آثار اجتماعية كارثية، والمساواة بين الناس انحطاط، والنظام الطبيعي يقود على الاعتراف بعدد من النبلاء والنخب الطبيعية المعترف بشجاعتها وذكائها وتفوقها، مع إقصاء الكثرة الكاثرة من المتبطلين والمتسكعين والعاجزين والمرضى والمتطفلين الذين يعيشون على حساب الأسيد المتفوقين الذين منحتهم الطبيعة مواهب وامتيازات خاصة… إلخ). إن هذه الطريقة في التفكير والاستنتاج ستذكر كثيرين بأفكار الفيلسوف الألماني فردريك نيتشه. وعلى الرغم من أن الكتاب يخلو من أي إشارة إلى نيتشه، إلا أن أفكار هذا الأخير وروحه الوثابة و المقتحمة والضاربة كصاعقة تأخذ بتلابيب هذا الكتاب من البداية إلى النهاية.
– د. نادر كاظم
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب