كتاب الذات في الفكر العربي الإسلامي – محمد المصباحي
يبحث هذا الكتاب في صور الذات الفلسفية والصوفية، الفردية والتاريخية، الأنطولوجية والعمرانية؛ وفي جملة مفاهيم وقضايا متصلة بمفهوم الذات، كالعقل والحق والعدل والدين والوجود والماهية.
يتألف هذا الكتاب الصادر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (480 صفحة من القطع المتوسط، موثقًا ومفهرسًا)، من 16 فصلًا. وإشكاليته الأساس هي: هل كانت هذه الذات التي تتكلم عنها الفلسفة العربية الإسلامية تشير حقًا إلى الهوية الفردية “الأنا” أم إلى الماهيّة العامة “الإنسان بما هو إنسان”؟ وما العلاقة التي تنسجها هذه الذات مع مفاهيم متقابلة، مثل الماهيّة والجوهر والنفس والعقل والأنا والهوية والوجود؟ وما صلتها بالجسم المُغري بأحاسيسه وأهوائه وانفعالاته وقواه وغرائزه الجامحة، وبالذات المطلقة الجاذبة بكمالها التام وبهائها الغامر؟
في الفصل الأول، “سؤال الذات”، يقول المصباحي إن الذات العربية تعيش محنةً مركبةً: “عقلها مقيد، وحريتها مطوقة، وجسدها ممتهن، وولاؤها موزع بكيفية تراجيدية بين قطبي التراث والمعاصرة”. والخروج من محنة الذات يشترط الوعي بأن سؤال الذات هو سؤال الحرية؛ فالذات هي خلاصة الاختيارات الحرة الصادرة عن التزام ومعاناة وقلق وصراع مع نفسها أولًا، ومع الآخر ثانيًا، ومع الإكراهات والالتزامات التي تحيط بها ثالثًا.
يبحث المصباحي في الفصل الثاني، “تقابل الرؤيتين الفلسفية والصوفية للذات – ابن باجة”، ويخلص إلى أن نقد ابن باجة طريقَ المتصوفة كان موجَّهًا نحو غايتين: أولى تتعلق بانعكاس التصوف على العلوم والصناعات والتدابير الخُلقية والسياسية؛ أي انعكاس العرفان الصوفي على المدينة، وثانية تتعلق بمستوى الأثر الذي تحدثه الإدراكات في الواصل بين التجربتين الصوفية والفلسفية. ويضيف: “اعتبر ابن باجة فعل التصوف أقل مرتبةً من فعل الفلسفة، لأن غايته تقتصر على تحصيل الالتذاذ الحسّي والوجد القلبي، لا الوقوف على السعادة العقلية. وهذا معناه أن التصوف، على الرغم من إلحاحه على إماتة الجسم والتنكيل برغباته وانفعالاته، يبقى في نظر ابن باجة أوثق ارتباطًا بالجسم منه بالعقل”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب