كتاب الذاكرة الجمعية – موريس هالبفاكس
ما الشيء الذي أبلى «موريس هاليفاكس Maurice Halbwachs» بلاء خرافيا في استكشاف خفاياه لما أقدم على تحرير فصول «الذاكرة الجمعية» وهو أثر عابر للأزمنة، لم يتم توضيبه للنشر وفق تصورات متباينة إلا بعد رحيل مؤلفه عن عالم الشهادة والناس؟ لا شيء في تقديرنا سوى محاولة مؤلف تلك العروض تفسير حقيقة اكتظاظ الذات المفردة بعالم الجماعة، وإخضاع فكرتي الزمان والمكان إلى مناهج المعالجة الاجتماعية. فذاكرة الحاضر لا تستقيم إعادة كتابتها من دون استحضار أحرف الماضي، كما أن الحرص على إعادة إنتاجها والعمل على إثمارها هو ما يشكل مستقبل الاجتماع البشري أو الآتي.
وإذا ما علمنا أن التصورات الاجتماعية المحسوبة على دوركايم لم تكن تبتغي البرهنة على أن المجتمع يشكل الوسط الذي يعيش داخله الأفراد ويلتزمون باحترام ضوابطه فحسب، ولكنها حاولت أن تقنعنا بأن اعتقاد الفرد في حرية تصرفاته الشخصية لا يعفيه من اكتشاف أن أصول تلك التصرفات تقع خارج ذاته، فإن تحقيق كتاب هالبفاكس «الذاكرة الجمعية» وإعادة طبعه في أواخر تسعينات القرن الماضي، قد شكل فرصة لمعاودة اكتشاف آخر مؤلفات هذا الباحث الملهم الذي عمل على قلب الإشكالية التي اشتغل عليها هو نفسه إلى حدود سنة 1925 وتعرض لها ضمن مؤلفه الموسوم بـ “الأطر الاجتماعية للذاكرة الجمعية”، مركزا اهتمامه هذه المرة على قيمة القرد في علاقته بالجماعة، متحديا وحشية السياق القاتم الذي واكب ولادة تلك التصورات، ونقصد أوضاع سنوات الحرب الكونية الثانية الكدرة، شأن فساد المؤسسات الثقافية لمرحلة ما بعد الحداثة حاضرا. لذلك سيكون بوسع متابع هذه العروض بعد أن قمنا بتيسير الاطلاع عليها لغير الناطقين بلغة مؤلفها، تدبر وصية من ستبقى له الريادة في اكتشاف ما قد تستقيم تسميته بـ «علم اجتماع الذاكرة».
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب