كتاب السرقة من المسلمين (الساراسن) كيف شكلت العمارة الإسلامية أوروبا – ديانا دارك
تم اختيار عنوان هذا الكتاب السرقة من الساراسن» بعناية وقصد. لقد سقطت كلمة «ساراسن» من الاستعمال اللغوي اليومي هذه الأيام، ولكنها كانت تستخدم في أوروبا العصور الوسطى کا صطلاح تحقيري لوصف المسلمين العرب الذين حاربهم الصليبيون منتي سنة في شرق المتوسط بدءاً من 1095 في حربهم المقدسة». أكثر التفسيرات انتشاراً هو أن أصل كلمة «ساراسن» من المفردة العربية «سَرَقَ أو سُرَاق». أي أن «الساراسن» كانوا سُرَاقاً ولصوصاً من وجهة النظر الأوروبية، بغض النظر عن حقيقة أن الصليبيين قد نهبوا طريقهم عبر أوروبا والقدس، والقسطنطينية. ولهذا فإن قصد العنوان هو التعبير عن تُناقُضِ مُضَاعَفِ بأننا في الغرب «تسرق» ممن اعتبرناهم لصوصاً وسُرَّاقَاً.
من الضروري رؤية الصورة الشاملة، وإدراك أن كثيراً من سمات العمارة الإسلامية قد تطورت من التراث البيزنطي الموجود قبلها كل شيء يُبنى على ما سَبَقَهُ، ويتأثر به، وعلى الرغم من أن المؤرخين الأكاديميين يُحبون التركيز على فترة تاريخية معينة أو غيرها وكأنها مميزة ومُنفصلة. إلا أن حقيقة التاريخ هي أن كل شيء هو استمرار وتواصل ولا يَنشَأ شيء من فراغ.
لَم يَظْهَر نَمَطُ العمارة القوطية في أوروبا من لا شيء وكأنه سحر في القرن الثاني عشر. لقد نشأ من التبادل الثقافي والتقني الذي حدث أثناء الحروب الصليبية، وحروب استرداد اسبانيا وصقلية من أيدي المسلمين. شملت هذه التأثيرات سمات أساسية في العمارة القوطية، مثل البرجين التوأمين، والمئذنة/البرج، والأقواس المدببة والأوجية وأقواس حدوة الحصان، والنوافذ الحجرية المزخرفة، وتقنيات بناء السقوف والقباب، وعُلب فتحات الرمي، والقوس الثلاثي الفصوص، والمتعدد الفصوص، وصفوف الأقواس المتقاطعة والمتشابكة، والأديرة، ومنطقة الرهبان والجوقة في الكاتدرائيات، والزخرفة التشجيرية، والقباب المضاعفة، وتقنيات الزجاج الملون، ومفهوم شعارات النبلاء.
انقَضَتْ أكثر من 700 سنة على آخر الحَملات الصليبية. وعلى الرغم من الجَدَل اللانهائي حول إن كانت تَصرفاتُ جميع الأطراف السياسية التي انخَرَطَتْ في الصراعِ مُخطِئةَ أو صائِبةً، فلا يوجَد كثيرٌ من الجِدال حَول التَّبادل الثقافي الذي حَدَثَ بَين الفِرنجَة والإسبان والنورمانديين والبيزنطيين والأرمَن والأتراك والعرب وغيرهم. لم يدرك معظم الأوروبيين في العصور الوسطى مَدى عمق ذلك التأثير، وكيف أدى إلى الإزدهار الثقافي والمعماري الذي شوهِدَ في أوروبا في القرن الثاني عشر وحتى القرن السادس عشر.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب



