كتاب السطحيون (ما تفعله شبكة الإنترنت بأدمغتنا) – نيكولاس كار
خلال يوم واحد، يقضي غالبيتنا ممن يمتلكون اتصالاً بالشبكة ساعتين على الأقل – أو أكثر من ذلك بكثير في بعض الأحيان – على الإنترنت، وفي أثناء هذه المدة نميل إلى تكرار الأفعال نفسها أو المشابهة لها مرة بعد مرة، عادة بمعدل عالٍ من السرعة، وغالباً كاستجابة لإشارات ترسلها شاشة ما أو مكبر صوت ما. وتكون بعض هذه الأفعال حركية. فنضغط على المفاتيح في لوحة المفاتيح الخاصة بحاسوبنا الشخصي. ونسحب الفأرة، وننقر زرّيها الأيمن والأيسر، وندير عجلة التمرير المتصلة بها. ونمرر أناملنا على لوحة اللمس. ونستخدم إبهامينا للكتابة باستخدام لوحة المفاتيح الحقيقية أو الافتراضية على أجهزة بلاكبيري أو الهواتف المحمولة. وندير أجهزة آيفون، وآيبود، وآيباد لننتقل بين الوضع «الأفقي» و«العمودي» بينما نلاعب الأيقونات على شاشات اللمس الحساسة.
وبينما نقوم بهذه الأفعال، يرسل الإنترنت سيلاً ثابتاً من المعلومات إلى القشرة المخية البصرية، والجسدية الحسية، والسمعية الخاصة بنا. فهنالك الأحاسيس التي تأتي عبر أيادينا وأصابعنا بينما ننقر ونمرر ونطبع ونلمس. وهنالك الإشارات السمعية الكثيرة التي ترسلها آذاننا، مثل التنبيه الجرسي الذي يعلن وصول رسالة إلكترونية جديدة أو رسالة فورية، ونغمات الرنين العديدة التي تستخدمها هواتفنا المحمولة لتنبيهنا لمختلف الأحداث. وطبعاً، هنالك الإشارات البصرية التي لا تعد ولا تحصى، والتي تلتمع على شبكياتنا بينما نتنقل عبر العالم الإلكتروني: ليس فقط تشكيلة النصوص والصور المتغيرة إلى ما لا حد، بل أيضاً الروابط التشعبية المميزة بالخط تحتها أو لونها المغاير، ومؤشرات الفأرة ذات الأشكال المختلفة باختلاف وظائفها، وعناوين الرسائل الإلكترونية بالخط العريض، والأزرار الافتراضية التي تومض لننقر عليها، والأيقونات، وغيرها من عناصر الشاشة التي تتوسل لكي تُسحب أو توضع في مكان ما، والاستمارات التي تستلزم تعبئتها، والإعلانات ذات الظهور المفاجئ، والنوافذ التي ينبغي إما قراءتها أو تجاهلها. وتشرك الشبكة كافة حواسنا – باستثناء حاستي الشم والتذوق إلى الآن – وتقوم بذلك في آن واحد.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب