كتاب الفيلم التسجيلي والفيلم الروائي – قيس الزبيدي
احتفت بعض النظريات السينمائية بمادة السينما الخام، التي تسجل العالم المادي والأشياء والأماكن والناس الحقيقيين، التي هي واقعية في الأصل. أما تلك النظريات السينمائية، التي ركزت أولاً على سلطة صانع الفيلم في تحوير الواقع أو التلاعب به، فكانت في الأساس نظريات تعبيرية: أي أنها تعنى بتعبير صانع الفيلم للمواد الخام أكثر من اهتمامها بالواقع المصوّر نفسه.
وهكذا صبغ نظرية الفيلم، بأكملها تقريباً، التعارض القائم بين الواقعية والتعبيرية، وسيطر هذان المنهجان على تاريخ نظرية وممارسة السينما، منذ عهد الأخوين لوميير، اللذين خضعا لهاجس نقل الواقعية الخام على الفيلم، إضافة إلى ميلييس، الذي كان بدوره مأخوذاً بشكل واضح، بما يمكن عمله بالمواد الخام.لقد هيمنت التعبيرية على نظرية الفيلم خلال العشرينيات والثلاثينيات.
ومن جهته وصف د. و. غرفث «مدرستين» أساسيتين في ممارسة الفيلم، هما الأميركية والألمانية – بينما كانت الواقعية، ولو بشكل ثانوي، أسلوباً مشتركاً في الممارسة السينمائية خلال العقود الأربعة الأولى في تاريخ السينما، ولم تكتمل كنظرية قائمة بذاتها إلا في نهاية الثلاثينيات (من خلال الممارسة العملية للتسجيليين البريطانيين بقيادة جون غريرسون وفي الأربعينيات مع ظهور الواقعية الإيطالية.
وكانت هنالك أسباب وجيهة لهذا الازدهار المتأخر: خصوصاً، أن النظرية الواقعية، اعتبرت الفيلم ضمنياً ذا أهمية أقل، لأنها ارتأت أن الواقع هو أكثر أهمية من «الفن».
هل من الممكن أن يكون صانع الفيلم تسجيلياً ويبقى في الوقت نفسه روائياً؟
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب