كتاب المسرات و الأيام .. قصص و أشعار – مارسيل بروست
إنّ التحرّك الكبير لمحبّة طافحة قادرة على غسل قلبها كما يغسل المدّ الشاطئ، وعلى تسوية جميع أشكال التفاوت البشريّ الذي يسدّ قلب المجتمع المخمليّ، قد حال دونه ألف سدّ وسد من سدود الأنانيّة والغُنج والطموح. ولم تعد الطيبة تروق لها إلّا كأناقة. صحيح أنّها كانت ما تزال مستعدّة لأن تتصدّق بشيء من مالها وعنائها ووقتها، ولكنّ جزءاً كاملاً من ذاتها بقي محجوزاً، ولم تعد تمتلكه. كانت تقرأ وتحلم صباحاً وهي في سريرها، ولكن بذهنٍ زائفٍ صارَ يتوقّف عند الأشياء من الخارج وينظر في ذاته لا ليعمّقها وإنما ليُعجب بها بتلذّذ ودلال كما لو أنّها كانت أمام مرآة… وتحوّل سِحر الشتاء إلى متعة الشعور بالبرد، وأغلقت بهجةُ الصيد قلبَها على أحزان الخريف. وأحياناً، بينما تمشي وحدها في الغابة، كانت تبغي استعادة المصدر الطبيعيّ للمسرّات الحقيقية. ولكنّها في الأجمات الحالكة، كانت تتّشح بفساتين متلألئة. ومتعة الأناقة كانت تقطع فرحها بأنّها وحدها وبأنّها تحلم.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب