كتاب بونهوفر دروب الحرية – ألويس برينس
“حين سمحوا لها بزيارته في السجن لأول مرة، لم يكن ديتريش على علم مسبق بأمر الزيارة. اقتادوا ماريا إليه، وظهرت أمامه فجأة بينما كانوا يستجوبونه.
بدا أن المحقق أراد إرباكه وجعله يخرج عن طوره. وبالفعل، اهتز ديتريش وتأثر بشكل واضح، لكنه سرعان ما استعاد ثباته عندما جلس بجوارها على الأريكة، وسعى لإجراء مُحادثة عادية مُحايدة، لكن ما كان يستعر في قلبه لم تشعر به ماريا إلا بالطريقة التي ضغط بها على يدها.
على الأريكة معًا شعرا وكأنهما مراقبان، أو كأنهما يمثلان مشهدًا على خشبة المسرح، لكن في اللقاء التالي في يوليو، عندما سمحوا لها بالتحدث معه ثانيةً، تغلَّبا على خجلهما أمام الحراس وتبادلا قبلتهما الأولى، وبعد انتهاء اللقاء عندما كانا على وشك الافتراق وخروج كل منهما من باب مختلف، استدارت ماريا في اللحظة الأخيرة وركضت نحو ديتريش وعانقته، وبعد عودته إلى زنزانته، كان على ديتريش أن يقمع مشاعره حتى يتمكن من تحمل آلام الحرمان.
وكان ما يزال مُفعم بالأمل والإيمان. كان بونهوفر في تلك اللحظة واثقًا بأنه سيصير قريبًا حرًا ويستطيع أن يبدأ الحياة أخيرًا مع عروسه الشابة، كما حلم بذلك طويلًا”.
لم يندم بونهوفر في السجن لحظة واحدة على قراره الذي اتخذه بدافع من إيمانه بالله ومحبة للإنسان واحترامًا لنعمة الحياة، بل اكتسب إيمانه زخمًا أكبر أثناء وجوده في زنازين الجستابو تحت الأرض، بأن الله لا يمكن معرفته إلا من خلال الانخراط الكامل في هذا العالم.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب