كتاب بيت سيء السمعة – نجيب محفوظ
“وكان يستقبل سيل الذكريات وهو ينظر إلى الكرسي الذي طالعته منه بوجه لم يحفظ من ماضيه إلا أضعف الأثر. أرملة أضناها التعب والحداد ولكنها معتزة بانتصارات حقيقية. وحوت حوله الذكريات كأسراب من البنفسج. تذكر كيف تزوجت بنات البيت السيء السمعة واحدة بعد أخرى رغم ما سمع مراراً وتكراراً بأنهن بنات لم يخلقن للزواج ولن يسعى إلى الزواج منهن أحد. وكلما جاءه نبأ عن توفيقهن في زواجهن ذهل واختلت موازينه.. وعند المساء خلا إلى نفسه في حجرة مكتبه، على حين نشطت الزوجة والبنات للاستعداد لسهرة الباليه المنتظرة.. ولم يكن غريباً أن يستخرج دفتر مذكراته القديم من الدرج الخاص بالأوراق الثمينة كعقد ملكية الأرض وبوليصة التأمين، وكان قد اعتاد على عهد المراهقة، أن يسجل أحداثه العاطفية والاجتماعية يوماً بعد يوم، وفّر صفحاته ليرجع إلى عام 1925 وما حواليه، حتى رقم التليفون وحده. وبدافع لم يعرف كنهه امتدت يده إلى قرص التليفون فأدارت الرقم القديم وجاءه صوت: آلو؟ فسأله وهو يبتسم في عبث: بيت حلاوة؟ فأصابه الصوت بخشونة: لا يا سيدي.. هنا محل الطمبلي لبيع الخيش”.
“بيت سيء السمعة” مجموعة قصصية تحكي بعضاً من حكايات الناس. وقد رسم نجيب محفوظ شخصياتها بدقة، وحركها ضمن إطارات تعكس دواخلها معبرة عن آلامها وأحلامها، وعن طبيعتها التي كثيراً ما تكون متخفية وراء أقنعة متعددة. إلا أنها في معظمها أقنعة تتطلبها العادات والتقاليد الاجتماعية. لذا فإن أداء نجيب محفوظ القصصي بالإضافة إلى أسلوبه الأدبي الرائع، وعباراته اللطيفة ومناخاته الممتعة، وأحداثه الشيقة، إن أداء نجيب محفوظ القصصي يحمل في ثناياه معالجات تدخل في عمق علم النفس والاجتماع و.. و..، وتجعل في قصصه تلك مساحات لدراسات نفسية واجتماعية، وأولاً مساحة للاستمتاع بعمل أدبي قصصي مشوق.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب
لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا