كتاب بين الماضي والمستقبل – حنة آرندت
هذه المقالات تمارين في الفكر السياسي كما ينبثق في واقع أحداث السياسة، على الرغم من أن هذه الأحداث لا تذكر إلا عرضاً، وتفترض المؤلفة في هذه المقالات أن التفكير نفسه ينشأ عن وقائع خبرة الحياة، ويظل مرتبطاً بها باعتبارها المعالم الوحيدة التي يستطيع أن يدرك بها موقفه واتجاهه. ولما كانت هذه التمارين تدور حول الماضي والمستقبل فإنها تجمع بين النقد والتجربة، لكن التجارب لا تحاول تصميم مستقبل يوتوبي، كما أن نقد الماضي والآراء التقليدية لا يرمي إلى الإطاحة بها، وبالإضافة إلى هذا فإن نواحي النقد والتجربة في المقالات التالية ليست منفصلة بعضها عن بعض انفصالاً بيّناً، على الرغم من أن بعض الفصول تميل إلى النقد أكثر مما تميل إلى التجربة، وأما الفصول الأخرى فأقرب إلى التجربة منها إلى النقد. وهذا التحوّل التدريجي من الاهتمام بالتجربة إلى الاهتمام بالنقد لم يتأت اعتباطاً، إذ إن عنصر التجربة موجود في تفسير الماضي ونقده، هذا التفسير الذي يرمي بالدرجة الأولى إلى اكتشاف المصادر الحقيقية للآراء التقليدية، بقصد تخليص روحها الحقيقية من جديد بعد أن تبخرت، ويا للأسف، فاختفت من الكلمات الأساسية في لغة السياسة – كالحرية والعدالة، والسلطة والمنطق، والمسؤولية والفضيلة، والقوة والمجد – ولم يبق منها سوى القشور الفارغة للتعبير عن كل شيء تقريباً، من دون الاكتراث للحقيقة الخطرة الكامنة وراءها.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب
لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا
من بين مايميّز كتابات آرندت هو القدرو التمييزية بين المفاهيم التي اشتغلت عليها الفلسفة في بعدها التقليدي