كتاب تاريخ التصوف في الإسلام – قاسم غنى
غالباً ما نرى في كتابات المستشرقين أنهم قالوا إن التّصوّف ليس طريقة، ولا مذهباً خاصاً، ومقصودهم هو أنه لا يمكن أن يُعدّ التّصوّف مذهباً منظّماً ذا حدود معينة، وأن يُحسَب فرقة خاصة بين الفِرَق الإسلامية، بالمعنى اللغوي الصحيح، والتعريف الجامع والمانع لكلمة مذهب وطريقة، ومقصودهم من ذلك – أيضاً – هو أن تدوين معتقدات الصوفية أمر عسير، والصوفية أنفسهم غالباً ما يسمّون أنفسهم بالمتحرّرين من القيود، ويقولون: إننا قد قذفنا بكل تعصّب وتحزّب وتفرقة وراء ظهورنا، كما أننا بعيدون كل البُعد عن قيل المدارس وقالها، وجدال الاثنين والسبعين ملّة؛ لأن التشدّد والتعصّب في الدين أمر غير ناضج، وعدم النضج دليل الكفر ، والتّصوّف حال، وليس بقال، كما يقول حافظ الشيرازي:
إذا كنتَ زميلنا في الدراسة فاغسل الأوراق؛ لأن علم العشق ليس في الدفتر
وهناك حديث يُروى: أن الطريق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، ولكنْ؛ كما يقول المستشرق الإنجليزي المعاصر المعروف، «رينولد نيكلسن» الذي اشتغل بالتّصوّف الإسلامي مدّة من الزمن، وكتب المؤلّفات العديدة في هذا الباب «مع كل هذا، توجد عند الفِرَق المختلفة الصوفية عدّة آراء وعقائد، يتفقون عليها جميعاً، ويمكن تسميتها بأصول التّصوّف» وبعبارة أخرى، يمكن أن نعدّ طائفة من الآراء والأفكار الأساسية التي اتفق عليها أقطاب الصوفية كافة أصولاً وقواعد ثابتة لمنهج التّصوّف.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب