كتاب تفاصيل – ديمة ونوس
تضع ديمة ونوس شخصيات قصصها «تفاصيل» تحت المجهر، تدرسها بعدسة مقرّبة لتكشف آلامها الداخلية في لحظة مفصلية من حياتها. الشخصيات التسع التي تتناوب فضاء المجموعة، هي نماذج من مجتمع يعيش تناقضات فرضتها قيم جديدة، تبدو في سطحها الأول صورةً راسخةً على جدار صلب. وإذا بها فجأة تتعرض إلى زلزال يطيح ثباتها لتجد نفسها في العراء. من هذا الباب الموارب، تدخل ونوس إلى هجاء واقع مرير، وفضح آلياته التي أفرزت نماذج هجينة تنتسب إلى ثنائية «القامع والمقموع»، وفق ما يشير فيصل دراج في تقديم المجموعة. في التفصيل الأول الذي يحمل اسم «جعفر» صورة لرجل السلطة بكل جبروته، يجد نفسه في نهاية المطاف «وحيداً في المنزل»، بعيداً من عالمه القديم، فهو لم يعد يناسب متطلبات المرحلة. هكذا، يضطر للالتفات إلى تفاصيل كانت تحيطه في المنزل والشارع، لم ينتبه إليها قبلاً. فالخواء قاده إلى اكتشاف عالم آخر. حتى أنّه يزور مثقفاً كان قمعه في مرحلته الذهبية. وها هما وجهاً لوجه ضحايا الهامش والنظرة الواحدة نحو أفكار كانا اختلفا حولها، فجعفر الأمس الذي فقد السلطة يرغب اليوم بأن ينتقم من طبقته بالانتماء إلى الخندق المضاد. الاشتغال على الثنائيات وحوار الأضداد هو الخيط الناظم لهذه «التفاصيل»: طبقة باذخة وطبقة مسحوقة. أما ما هو رمادي فلا مكان له في خريطة ونوس. هذه الخريطة المرسومة بتلصص وثأرية واضحة. والشخصيات الهامشية هي ضحية قمع تلك الطبقة المتخمة بالرفاهية والسطو والفساد.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب