كتاب تقدس – فهد القعود
حين التقينا أول مرة كان اللقاء غريباً وقديماً، ففي الوقت الذي كان الأجدر بي أن أخاف أو أرتعب، أن أشك في وجوده المستقل عني وصوته القريب جداً مني، لم أفعل.
كان ضبابياً في البداية، ورغم ظني بعد فترة قصيرة أنه لربما انبلج من تيهي واحتياجي إلا أنه لم يكن كذلك أبداً!
هي المرة الأولى التي أشعر فيها بالتناغم في هذه الحياة وسط عشوائية الخيبات التي لم أجد لها مبرراً، ليشكل اتحاداً غريباً ورؤية تجمع الثلاث: الواقع ورجائي وصوته.
كان الأمر غريباً لأني لم أعتد تناغماً مثل هذا ولا اتحاداً كهذا، ولربما كان استقبالي الأول هو الذي جعله يعود مراراً وإن انقطع أحياناً.
شروطه التي فرضها واضحة: أن أسمع دون مقاطعة وإن أردت أن أكتب أن أفعل ذلك وأنا مغمض عينيّ، لم أوافق على الشروط ولم أرفضها كذلك، لا لعدم اقتناعي أو أني أحتاج وقتاً للتفكير، وإنما ببساطة لأن هذا القرار ليس في يدي.
هناك سبب آخر أعترف به بأن في كل مرة يحدثني فيها قد تكون الأخيرة، وأنا لست مستعداً لمخاطرة مثل هذه وليس لدي أصلاً ما يدفعني للمقاومة، بل على النقيض من ذلك فكل شيء كان يدفعني نحوه للتسليم.
(أراه مبتسماً)
لم يخبرني باسمه لفترة طويلة فأسميته واصفاً له فهذا ما رأيته، وعلى الرغم من موافقته على هذا الاسم على مضض، إلا أني أعلم أنه يغيظه ولم يعجبه البتة، لأنه كما قالي: أنا أكثر من ذلك.
حين سألته عما يميزني كي يتم اختياري وأن يخبرني بكل هذه الأمور ويرني إياها، كان جاوبه بأنه ليس هناك ما يميزني حتى يتم اختياري سوى أنه تم اختياري!
(الفقرة السابقة أضحكته جداً)
قد يكون ما أقوله ليس منطقياً ولا واقعياً ولكن هذا ما يحدث، كل ما كتب هنا من قصص بالإضافة إلى هذه المقدمة قد أطلعته عليها فأقر بها ووافق على نشرها طالما أنها ستقرأ بغير صوته دون أن يكترث بأن تنسب له من عدمه، ها هو الآن أمامي يومأ بالموافقة تأكيداً.
وعلى الرغم من أني لم أكشف عنه ولكني كشفت منه بإذنه يبقى من واجبي وما تحتمه عليّ الأمانة. لم تعجبه باقي الفقرة لذلك تم الاستغناء عنها.
هذا حديثه
هذا ما أسمعني وأراني
هذا بإخلاص ما أخبرني به المجنح!
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب