كتاب ثقافة الأذن وثقافة العين – عبد السلام بنعبد العالي
الظاهر أن اللغة العربية ليست هي وحددها التي تقرن العين بالتفكير والأذن بالأخلاق، فنقول : “صوت الضمير” و”عين العقل”. يقال إن اللغات الإغريقية واللاتينية والجرمانية كلها تربط الصوت بالضمير، والسمع بالطاعة، والأّذن بالرضوخ. لا عجب إذن أن تكون ثقافة الأذن ثقافة السمع والمحافظة، إنها ثقافة الوثوقية والتقليد، ثقافة ترضخ للصوت ـ المنبع، ولا تبتعد عنه بما يكفي كي تعمل فيه “فكرها”. ثقافة الأذن هي على الدوام ثقافة سلطة: فكل سمع طاعة. أما العين، لما لها من قوة قلب ذاتي على شبكيتها، ولما لها من قدرة على تعديد منظوراتها وزوايا نظرها، فهي تجعل الثقافة التي تعتمدها ثقافة نقدية تسلم منذ البداية بأن التأويل يتعدد وأن المنظورات تختلف، وأن كل معرفة تصحيح لأخطاء، وأن كل علم تسبقه إيديولوجيا تقلب الأمور ” مثلما تقلب الموضوعات على شبكية العين”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب