كتاب ثورات القوة الناعمة في العالم العربي – علي حرب
مع صدور الطبعة الجديدة من كتاب “ثورات القوة الناعمة في العالم العربي.. من المنظومة إلى الشبكة” للمفكر اللبناني “علي حرب” يعيد الكاتب قراءة الأحداث الجارية المتسارعة والتحولات العاصفة التي شهدها العالم العربي على امتداد العام 2011. بعين الفاحص والناقد معاً.. يضم الكتاب مقالات عدة هي، كسابقاتها، قراءات على وقع المجريات الحاصلة في أكثر من بلد عربي… وفي هذا العمل لم يبالغ حرب “.. في القول بأن عام 2011 حمل توقيع العرب وختمهم بوقائعه وأحداثه. إنه كان “عام العرب” بامتياز، إذ هم أذهلوا العالم بثوراتهم التي جاءت كزلزال اهتزّت معه أوضاع راكدة منذ عقود، بقدر ما سقطت أنظمة حكم عاتية وهَوَت أصنام فكرية خاوية. وكان من مفاعيل ذلك أن تغيرت المعطيات وتبدلت التحالفات وانقلبت المعادلات، بقدر ما ظهر فاعلون جدد على المسرح بنمطهم ونماذجهم…”. هي ثورات الكل باعتراف حرب ثورة الناشطين في الميادين.. وثورة المثقفين.. وثورة النساء والرجال معاً.. وثورة الإنسان العادي أيضاً.. الجميع نزلوا إلى الميدان.. وهذا معنى من معاني الديموقراطية التشاركية. فالديموقراطية السياسية، للنائب والناخب، لم تعد تكفي في معالجة المسألة الاجتماعية، حيث تتجمع الثروات في يد القلة القليلة، فيما يتراجع مستوى الحياة لدى الشرائح الواسعة من الناس.. مما يعني أن هناك حاجة إلى ابتكار أشكال وأطر جديدة من العمل الديموقراطي تجسّد مبدأ المواطنة على نحو أكثر فاعلية تتحقق فيه المساواة في الحظوظ والفرص واستثمار المواهب والقدرات. من جانب آخر تتلمس هذا القلق لدى الكاتب على الثورات العربية الجارية، وهو خوف ناجم من أن يجري الالتفاف على الثورات أو مصادرتها أو تخريبها من جانب الثالوث المضاد. وهم “.. النخب الباحثة عن واجهة أو دور، أو في قوى النظام الديكتاتوري الآفل، وكما يتمثل خاصة في التيارات السلفية البربرية التي تحاول استخدام سلاح الفتوى والتكفير…”. لا يخلو كتاب ثورات القوة الناعمة في العالم العربي من النقد والتفكيك والتشريح لكل المنظومات الفكرية التي سادت في عالمنا العربي، فهو يحثنا على الاستفادة من تجارب الماضي وإخفاقاتها معتبراً “.. أن من أساء إلى القضايا والمشاريع هم دعاتها وحملتها بالدرجة الأولى. كما أساء الإسلاميون إلى القيم الدينية، والعروبيون إلى فكرة الوحدة، والحداثيون إلى عناوين الحداثة، والعلمانيون إلى التنوير والعقلانية، واليساريون إلى العدالة والمساواة، ومناهضو الاستبداد إلى الثورة والحرية. وتلك هي العدمية المعاصرة…” من هنا نرى الكاتب يشدد على أهمية النقد، ولكن، ليس نقد الآخر، فالنقد المثمر برأيه هو نقد الذات بالدرجة الأولى. إنه ارتداد المرء، بالمساءلة والمراجعة، على أفكاره من البداهات والمسبقات والمسلمات التي تصنع العوائق والأزمات. بهذا المعنى يختلف النقد عن التشبيح النقدي الذي يتقنه بعض الذين لا يعرفون معنى النقد ولا نقد النقد. لأن النقد الذي تجترح معه الإمكانات يتم بعقل مرن، متحرك، مركب، يرى الواقع بكل تعقيده وتشابكه، والتباسه، وبكل حراكه وصيرورته وطفراته… بقدر ما يمارس بلغة الحوار الخصب والتداول المنتج والتركيب البناء والتحويل الخلاق والتفاعل المثمر.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب