كتاب جيرتروود بيل من أوراقها الشخصية (1914-1926) – إليزابيث بيرغوين
بعد أن ووري جثمان الآنسة “جيرتروود بيل” في عصر يوم الثاني من شهر تموز من عام 1926 في المقبرة العسكرية البريطانية المعروفة في بغداد حتى وقت متأخر باسم “مقبرة الإنكليز”، وقف المندوب السامي البريطاني السير هنري دوبس وقال في ختام كلمته التأبينية: “… إن عظامها ترقد حيث أرادت لها أن ترقد: في تربة العراق..”. هذا يكشف عن مدى المحبة التي تكنها الآنسة بيل لهذا البلد الذي شاءت الظروف أن تقضي على ترابه شطراً من حياتها كان حافلاً بالنشاطات السياسية والاجتماعية وذلك نابع من حماسها حيث كانت شديدة الحماس مع من حولها، وكانت تواقة، مهتمة، ولها نشاط وحيوية دائمتين. لربما لم تكن جيرتروود مارجريت لوثيان بيل (1868-1926) امرأة خارقة القدرات، بيد أنها لم تكن، بالتأكيد، شخصية اعتيادية.
كانت في الواقع عجيبة ومدهشة في آن واحد. كيف لا وهي العالمة والشاعرة والمؤرخة والآثارية والناقدة الفنية والمكتشفة والمنادية بالمذهب الطبيعي والمسؤولة الحكومية المتميزة، وإحدى هواة رياضة تسلق الجبال، وهي مجالات يعترف المختصون فيها بأن الآنسة بيل كانت بحق خبيرة في كل منها. وقد عكست رسائلها جزءاً من شخصيتها والكثير من الجوانب السياسية لتاريخ العراق في هذه الفترة.
ولكن ثمة حقيقة يتعين إدراكها؛ أن هذه الرسائل ليست سجلاً تاريخياً لفترة الاحتلال البريطاني وما بعده، بل هي تاريخ الآنسة بيل فيها، هذا وإن ترجمة نصوصها إلى العربية لم يكن بدافع من كونها سجلاً تاريخياً؛ بل باعتبارها مصدراً معاصراً ذا أهمية بارزة يذكر جوانب معينة وتفاصيل خاصة قد يلجأ إليها من يرغب في كتابة تاريخ هذه الفترة أو إعادة كتابته، وباعتبارها مرآة تعكس بشكل خاص مواقف الكادر الأعلى للقيادة السياسية البريطانية في العراق، والوضع النفسي لأعضائه وما تتجاذبهم من قوى وتحركهم من دوافع، وكذلك مواقف الشخصيات العراقية البارزة من الوجود البريطاني بشكل عام، ومن القضايا المصيرية بشكل خاص.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب