كتاب حارس ليلي للسماء – مصطفى السيد سمير
برودة شارع 26 يوليو تذكرني بأيام جميلة.. أسير ببطء مستقبلا الهواء البارد على وجهي.. هواء الزمالك المحمل بالحكايات.. خطر لي أنني لو أغمضت عيني قد يمحو هذا الهواء السنوات العشر الماضية وزوجتي والشقة الجديدة والدهون التي أضيفت إلى وزني.. وقد أشعر ساعتها بربتة خفيفة على كتفي وأفتح عيني على نادين وهي تشير إلى شلتنا القديمة المنتظرة أمام باب ساقية الصاوي وتخبرني بأن ” حفلة وجيه خلاص حتبدأ قوم “.
نعم حالي اتقلب منذ رأيتها ثانية منذ أيام.. مع زوجها القاص أحمد زيني.. كانا خارجين من الساقية وكان أحمد يحمل عدة أكياس تمتلئ بالكتب.. توقفت عن الحركة وتابعتهما وهما يصعدان سلم كوبري 26 يوليو ويتبادلان التعليقات والضحك على حيرة أحمد في حمل الأكياس التي تحمل أسماء مكتبات عديدة.. انتي مجزرة كتب.. ربما قال لها ذلك هو أيضا.. ربما يتجهان إلى وسط البلد.. ربما لديهما مشاوير أخرى لهذا اليوم.. في مسرح روابط أو دار ميريت.. ربما لن يرى أحد منهما طبيبا نفسيا في حياته.. أو يعاني من كوابيس تأتيه حين يواجه أي أزمة ولو صغيرة.. ربما سيمكنه أن يتخفف بمجرد أن يبوح للآخر.. سيب كلامك يخرج لحد فاهمك وبعدين يرجع لك تاني كإنك بتجدد مية حمام سباحة.. حيرجع لك جديد ونضيف وكإنك لسة مازعلتش.. ربما قالت له ذلك يوما.. وربما لن يدرك أحدهما شعور من يحمل كلامه بداخله كالورم.. كالماء الفاسد الذي لا يكف عن التراكم..
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب