كتاب حضارات السند البائدة – أندرو روبنسون
ظلت حضارة السند وحواضرها قبل اكتشافها أوائل القرن العشرين محتجبة عن أعين العالم طيلة أربعة آلاف سنة على وجه التقريب، إذ شهدت طور نضجها بين نحو العامين 2600 و1900 ق.م وأفلت بعدها واختفت لأسباب مجهولة. تنتمي حضارة السند إلى منظومة الحضارات النهرية التي قامت بفضل توافر الماء والتربة الخصبة وما يتبعهما من ثراء الحياة النباتية والحيوانية، وبالتالي الاستقرار البشري بديلاً عن حياة الترحال، أي الحضارة بأحد معانيها.
وعلى مدار هذه الحضارة، غطت أكثر من ألف مستوطنة سندية ما لا يقل عن ثمانمائة ألف كيلومتر مربع مما يشكل حالياً دولة باكستان وشمال غرب الهند. وعلى الرغم من اتساع رقعة انتشاره، ربما بنى شعب السند، نوعاً من الوحدة السياسية تجلت في تماثل حضارته ومنتجاتها الفنية والمادية، فشيد بيوتاً ومباني عامة من الطوب اللبن والطوب المحروق، ونظاماً للصرف الصحي لم يظهر له ند حتى زمن الإمبراطورية الرومانية.
وزرع أهل السند الشعير والقمح والبقوليات، ودجنوا الأغنام والماعز وجاموس الماء، وصنعوا الأختام الحجرية والخرز والأساور والسفن واستخدموها في تجارة المسافات الطويلة. لكن حضارة السند وحاضنتها الاجتماعية والثقافية والسياسية لا تزال «عالماً يلفه الغموض» نتيجة لعدم فك رموز الكتابة السندية حتى الآن، على الرغم من انقضاء ما يناهز القرن من الاكتشافات الأثرية والبحوث حول جوانب ذلك العالم.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب