كتاب حقيبة مليئة بالضحك – نواف رضوان
بحسِّه السّاخر يفتحُ الشاعر حقيبته في وجهِ العالم، غير مبالٍ بأحد، حتّى بنفسه التي يُعرّيها من كلِّ شيء إلا من صدقها في اللحظة الراهنة وسط الخراب. في هذه الحلقة المفرغة بين الوطن الحقيقي، والوطن المحتلّ، بين حياةٍ نعيشها على مضض، وأخرى نَنغمِسُ فيها بلا رجعة؛ يجمع نوّاف رضوان نصوصه في حقيبةٍ مليئةٍ بالشعر والسخرية والضحك. وأيُّ ضحكٍ؟ نسمع صراخاً وقهقهةً وعواءً ونباحاً عالياً يصمّ آذان العالم الأبله الغافل عن خطاه وهي تسيرُ بنا إلى الهاوية. إلا أنّنا لا نسمع وحسب، إنَّما نشمُّ ونلمس ونقرأ تفاصيلَ يومية لمسافر يتنقّل بين ساعاتِ روتين العمل وكأس البيرة، بين المطارات والمدن المُرهِقة، بين حيفا وجواز السفر، بين صديقته والحانة. وفي أوقات الصمت، حين يتوقّف كلّ شيء، لنا أن نتخيّل الشاعر حاملاً حقيبته، التي لها أن تنفجر كقنبلةٍ موقوتة، أو كقبعةِ ساحرٍ تخرجُ منها موسيقى خافتة، أحزان ثقيلة، وحكايات لا تنتهي.
يكتب نوّاف:
الأضواءُ الخافتةُ مُرهِقَةٌ، يا صديقتي، وهذه المدينةُ مُرهِقَةٌ أيضًا. آه، كم أحسُّ بالعطشِ، أنا ذلك الرجلُ الذي كلّما شربَ عطشَ أكثرَ، رجلٌ شهوانيٌّ نزقٌ أهوجُ، وككلبٍ وَفيٍّ ألعقُ جسدي كلَّ ليلةٍ، وأنامُ.
يبدو أنني تعوّدتُ أن أكتبَ لكِ، تعوّدتُ أن أفتحَ البيرةَ الرخيصةَ كلَّ ليلةٍ، وأكتبَ لكِ عن كلِّ شيءٍ، عن البُيُوتِ والمُدُنِ والنساءِ والخمر والحشيش، عن التلفزيونِ الصامتِ طَوالَ الوقتِ، وعن أنني لستُ آسفًا على ما فعلتُهُ في رقبتِكِ الجميلةِ، وعن بلاطِ الحماّمِ الباردِ تحتَ قَدَمَي شاعرٍ مغمورٍ.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب