كتاب حكايات وعبر من المثنوي – جلال الدين الرومي
المثنوي ديوان شعري باللغة الفارسية ، للشاعر الكبير جلال الدين الرومي . والمثنوي يعني بالعربية النظم المزدوج الذي يتحد شطرا البيت الواحد . وكان الرومي من العلماء والشعراء الكبار . ولا يسعنا هنا الحديث بالتفصيل عنه . فقد كتب عنه الكثير في مختلف اللغات . الأ أننا هنا نكتفي بما يليقي الضوء على حياته . وشعره ، وبعض آرائه . اسمه: جلال الدين محمد ، واشتهر بالمولوي ومولانا جلال الدين الرومي نسبة الى بلاد الروم ، حبث قضى اكثر حياته في قونية . وهي في تركيا حاليا . كان منذ ولادنه فى مدينة بلخ بوم السادس من رييع الاول هام 604 هــ. الموافق لديسمبر 1027م ، ولذلك لقب أحيانا بجلال الدين محمد البلخي . والملاحظ أن كلمة المولوي التي اشتهر بها مشتقة من مولانا . وتوفي سنة 672 هـ و كان م الده محمد بز الحسين الخطيبي البكري والشهير بـ “بها، الدين” . وهو من العلماء أيضا وفد لقب بسلطان العلماء ، تلقي ابنه على يديه بعض العلوم والمعارف . و فد حطت عائنه الرومي الرحال في مدينه قونيه التي كانت في ذلك الوقت عاصمة الحاكم السلجوقي علا، الدين كيقباد فيها توفى والده بهاء الدبن عام 628 هـ وخلفه ابنه جلال الدبن بمهمه التدريس والتيبا فيها . وفي مدية قونية ٠ درس جلال الدين لدى برهان الدين محقق الترمذي , ارسله الى حلب فاقام فيما بعض الوقت يدرس ويتعلم ، ومنها انتقل الى دمشق التي كانت مقرأ للشيخ محيي الدين بنعربي ، فالتق به ودرس على يديه وزامل صدر الدين القوني تلميذ ابن عربي ، ولعله تاثر بابن عربي وبآرائه في شعره كما هو المعروف من تأثير ابن عربي وارداته على فكر المعاصرين له والمتأخرين عنه في الفلسفة والعرقان . وعاد جلال الدين الرومي الى قوية عام 628 هـ فبدأ الارشاد والتدريس والفتيا فيما ، وظل يمارس التعليم نحو اربع سنوات ، وفي شهر رجب سنة ٦٤٢ - التق شمس تبريز او شمس الدين التبريزي ، وقد انقلب تيار حياته نتيجة هذا اللقاء وكانت لحظة حاسمة في حياته غيرت افكاره وسلوكه وطموحاته . فيقول البعض : كان جلال الدين منهمكا بالتدريس والفتيا في مدينة قونية يدرس على يديه الكثير ، وفي يوم ما من سنة 642 هـ كان خارجا بموكبه المهيب وتلاميذه والناس بين يديه يسألونه اذ اقترب منه رجل مجهول وسأله : ما المقصود من الرياضات والعلوم؟ اجاب المولوي : الاطلاع على آداب الشرع . قال الرجل في هدوء وثقة : لا ، بل الوصول للمعلوم وانشد بيت النسائي . اذا لم يجردك العلم من …. نفسك فالجهل خير منه وقال آخر: بينما كان شاعرنا العبقري يجلس في احد الاركان المنعزلة في خلوة مع نفسه بقرب غدير ماء ينظم الشعر مر به شيخ كبير تظهر على محياه علائم الجلال والاحترام , فرحب به واجلسه بجواره وراح ينظر اليه بتمعن وروية دون ان ينطق بكلمة واحدة ، فقال له الشيخ : ماذا تفعل هنا يا بني وحيدأ ؟ فابتسم جلال الدين بجياء ومهابة وقال : ابحث في عالم الشعر والخيال ، واستلهم الوحي والجمال ، واتأمل هذه الموجودات التي اوجدها موجدها ، فيختلط علي الأمر . كيف السلوك الى معارج الحقيقة الكامنة خلف هذه الموجودات ؟ فقال الشيخ ، بعد أن اخذ بعض ما كتبه الرومي من اشعار وفيها بعض كتابات والده والقاها في الماء : انا من يدلك على ما تبحث عنه ، واخذ يدله بحنكة وعمق على طريق الواجب سلوكها لسبر اعماق الحقيقة ، فاعجب به وامسك بتلابيبه . وقال له : لن ادعك تذهب دون ان تكمل ما انت بصدده . ثم جرى التعارف بينهما! . قد اضاف في مجالس المؤمنين : انه بعد أن اعترض المولوي على شمس تبريز في القائه الاوراق في الماء تناولها شمس تبريز مرة اخرى من الماء دون ان يمسها البلل . وهذا ما اثار استغراب المولوي وجعله يتعلق بشدة بشمس ولما سأله المولوي ذلك اجاب : انه الذوق واطال وانت بعيد عنها . بنما ذكر البعض حكاية اخرى عن اللقاء بين جلال الدبن وشمس تبريز والجدل الذي دار بينهما . وذكر البعض بانه ربما كان هناك الكثيرون قد التق بهم شمس تبريز ولكن لم يتأثروا بمثل هذا الأثر . فلابد ان يكون جلال الدين قد توفر على استعداد خاص وعوامل معينة ادت الى تاثره وتغيره بهذا اللقاء وفجأة انقلب تيار حياته واعتكف مع شيخه الجديد ستة اشهر ولازمه ملازمة الظل . و انكشف له عالم جديد من الحقائق والاذواق وتشاغل عن تلاميذه ومردييه . فنقموا علي شمس وارادوا الايقاع به . فخرج شمس مستخفيا من قونية خوف الفتنة بعد أن بقي فيها عاما واربعة اشهر ، وتألم المولوي كثيرا لغيبته ، واعتزل الناس . وبحث عن شيخه في كل مكان .
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب