كتاب دعبول شقلبان – عبد الإله عبد القادر
الأصدقاء كثيرون… بعضهم ودّع الحياة مبكراً… والآخرون قد غادروا إلى منافٍ بعيدة، لم يبق منهم سوى أصوات تأتي مخنوقة عبر أسلاك وأثير الهواتف، التي قد لا تتكرر إلا بمعدل مرة كل شهر أو شهرين أو أكثر، أما الباقون فهم أصدقاء اللحظة واللقاء، سرعان ما تغيب صورهم، كما تغيب صورتي عنهم، قد يذكروني بالصدفة، هذا هو عصرنا…
عصر الترانسيت والفيسبوك، وأنا لست رافضاً بقدر ما أمتلك قدرة المعايشة مع كل زمن ووقت ومكان، حتى إنني سبق وأن تعايشت مع الهيكل العظمي لقبر على حدود عبادان في الحرب العراقية الإيرانية، وقد نمت مع الخال الذي أطلقت عليه هذا الاسم أكثر من أسبوعين تحت وابل الصواريخ وقنابل «الصديق» الإيراني، بل بقيت أكثر من ستين يوماً في الجبهة الأمامية دون أن أغسل جسدي أو أستبدل ملابسي الداخلية والخارجية، حتى أصبحت العفن ذاته بعد أن شممت رائحة جسدي وأنا أعود إلى بيتي بعد غياب أكثر من شهرين، فلوّثت المنزل والحمام برائحة العفن التي كانت تصدر من جسدي وملابسي التي رميتها ببرميل القمامة.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب