كتاب دعونا نتفلسف 2 – علي حسين
لقد استطاعت الفلسفة العربية ان تؤثر فيما تلاها من حلقات ، اسلمت اليها التراث القديم بعد ان هذبته وادخلت عليه ما ادخلت ، وولم يبق اليوم شك أن فلاسفة العصور الوسطى في اوربا قد افادوا من الفلاسفة العرب واخذوا عنهم ، مثلما تمعن رواد النهضة الاوربية بمفاهيم هذه الفلسفة ، لنجد ان الحب الفلسفي الذي قال عنه سبينوزا يشبه كل الشبه نظرية السعادة عند الفارابي ، وبرهان الرجل المعلق في الفضاء يقترب كل القرب من ” الكوجيتو ” الديكارتي ، ونظرية النبوة التي قال عنها الغزالي كانت الاساس الذي بنى عليه القديس توما الاكويني مفاهيمه الفلسفية.
والآن ربما السؤال الذي يجب ان يطرح هو كيف لنا ان نتفلسف ونحن شعوب تفقد ابسط حقوقها ، وتعيش في واقع عربي صدئ ؟ ، كيف للانسان العربي ان يناقش موضوعات مثل الهوية وهو مغترب في بلاده ؟ ،ان لم يفرض عليه النظام العربي ان يعيش في المنفى ، كيف للمواطن العربي ان يناقش موضوعة حقوق الانسان ، وهو مستلب الحرية ؟ ، كيف لنا ان نناقش موضوعة الحرية ،والانظمة السياسية تمارس الاستبداد ، كيف يمكن ان يظهر في بلداننا فيلسوف مثل كانط يطرح سؤال التنوير ، ونحن ضحايا رعب المتطرفين ، كيف يمكن لبلدان لاتزال تعيش عصر السقيفة ان تسمح للمواطن بان ينتج فلسفة، والفلسفة لا تنشا إلا في الامم التي تعيش من اجل المستقبل.
أن الفلسفة مهمتها ايقاظ الضمائر وتحرر العقول ، لكنها بالمقابل ليست بناءً يرتكز في الفراغ ، وكما قال فؤاد زكريا ان الفلسفة : ” لا يمكن ان تُشيد في الهواء ” ، فهي تحتاج الى واقع صلب تستند اليه ، ولا يمكن ان تتطور إلا اذا تطور الواقع الذي تعبر عنه ، وهي لا يمكن ان تصبح قوة فاعلة ما لم تخوض معركتها الحاسمة من اجل اتاحة الفرص للفكر ان يعبر عن نفسه بحرية.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب