كتاب ديوان بدر شاكر السياب (الأعمال الشعرية الكاملة) – بدر شاكر السياب
إن تجربة بدر الشعرية فذة ومعقدة، وهي تجمع ثنائيات متناقضة… لها أبعادها المتمثلة أولاً بمعاناة بدر الذهنية، وتقوم المعاناة فيها بناء على تصور الأمور تصوراً ذهنياً، ففي العالم طرفان، المطلق والواقع، الحب والموت، الحادثة والأسطورة، والحياة صراع بين قطبين دائماً، هذا ما يبدو في شعره، ثانياً تعدد الثقافات، نهل بدر من ثقافات مختلفة، فقرأ الأدب العربي والأدب الروسي وأدب اللغة الإنكليزية، وتمثل آراء أكبر الشعراء العرب والإنكليز والأميركيين. ثالثاً: تعدد الأوضاع الاجتماعية. نشأ بدر في بيئة ريفية فلاحية فتربى على قيمها وتقاليدها، وقد انتقل إلى المدينة طالباً فقيراً. كان في المرحلة الأولى طالباً شيوعياً واختلف مع الشيوعيين فصف مع القوميين العرب… وتعرض للاضطهاد… ولكنه كان مرتبطاً بالريف وقيمه وتقاليده، وكان معجباً بالتراث العربي الكلاسيكي، ومعجباً بالأدب الإنكليزي في الوقت ذاته… لهذا كله جمع شعر بدر بعض ما في الشعر الحديث وبعض ما في الشعر التقليدي، وظهرت منه الروح الشعبية الريفية، كما ظهرت فيه روح مثقف مشبع بالمثل الليبرالية من مثقفي البلدان المتخلفة. ونتيجة لكل ذلك تفرد شعر بدر بملامح وميزات كانت تعكس كل ذلك. قال أنسي الحاج عن بدر أنه: “جاهلي بدوي فولكلوري خرافي انكلوسكسوني على واقعي هجّار ورثّاء مدّاح بكَّاء، يسيل به الشعر سيل قريحة فارطة، ويسيل معه الشعر حتى الموت”. وهذا هو أروع تصوير كاريكاتوري لبدر… وصفحات ديواني السياب نقلبهما… نذهب معها بين السطور… بين المعاني بعيداً… وقصائده تنساح وتنساح حتى تتلاشى… وهي تتسع بدل أن تتعمق… وبؤرتها تصبح دائرة… ويفرقها بشاعريته المتدفقة… لتأتي قصيدة بدر كالعاصفة… مركزها يتحرك… دون أن تتبعثر شظاياها.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب