كتاب رواه زوربا – أحمد مجدي
قول كزانتزاكيس في روايته الشهيرة “زوربا اليوناني” عن شخصية زوربا: “لو كان مفروضًا علينا في العالم أن نختار مرشدًا روحيًّا كما يسميه الهنود، أو قسًّا حكيمًا عجوزًا كما يسميه الرهبان في جبل أثوس، فمن المؤكد أنني كنت سأختار زوربا”. (من ترجمة: خالد رؤوف).
هذا بالضبط ما حدث معي فور الانتهاء من قراءة هذه الرواية البديعة، خصوصًا وأن زوربا شخصية حقيقية التقى بها كزانتزاكيس وتركت فيه أثرها، إذن فإنني يمكن أن أتخذه مُعلِّمًا روحيًّا فهو ليس شخصية خيالية، كما أنه ليس شخصية أيقونية سامية كشخصياتي الأثيرة؛ سيدي المسيح وسيدي الحسين وسيدي الحلاج، فكلها شخصيات عظيمة ولكن هناك دومًا ذلك الفيصل بين بشريتي وبشريتهم الذي يجعلهم رموزًا بعيدة التصوّر.
أمّا زوربا كما عرضه كزانتزاكيس فهو شخص منّا، إنه ذلك القديس الشهواني، إنه الحائر الذي لم يجد أجوبته بعد ولا ينتظر أن يجدها، وإنما هو مستمر في رحلته دون توقف في كل يوم يكتشف المزيد من أرض الحياة المجهولة ويده في يدي، ومن هنا كانت الفكرة.
بدأت السير مع زوربا أحاوره ويحاورني ويعرض عليّ تجربته التي لا أدري هل هي تجربته أم تجربتي، لقد تداخلت التجارب حتى صرت لا أدري أيًّا منّا زوربا، وتوالت الحوارات بين زوربا ومن يلتقيهم في رحلته حتى صارت طريقًا لاكتشاف الحياة، تتعدد تلك الطرق بتعدد أنفاس الخلائق ولكن ربما يجمع بينها أمر مشترك هو الصدق في السير.
وها أنا أقدم تلك الرحلة التي لا أدري هل هي رحلتي أم رحلة زوربا، هل قابلت زوربا حقًّا أم كنت أنا زوربا أم أني توهَّمت ذلك كله وصرت أهذي بتلك الكلمات، على كلِّ فهذا الهذيان رحلة اكتشاف سرت طريقها حتى وإن لم أخطُ فيها خطوة واحدة ولم أغادر مقعدي.
أما هذا العمل فبعنوان رئيس هو (رواه زوربا) حيث يروي زوربا رحلته من اللحم إلى الروح، وبعنوان فرعي هو (نحوُ العرفان)، حيث كلمة نحوُ هنا لا تعني ظرف المكان بمعنى التوجه إلى العرفان، ولكن تعني الطريق الذي نحاه زوربا إلى العرفان، وهي الكلمة المستخدمة في وصف قواعد اللغة العربية المعروفة بعلم النحو، أما العرفان فهو أصل المعرفة ، أي أن ما يرويه زوربا هي رحلته في التوجه إلى نبع المعرفة المطلقة حيث الإنسان جسرًا من عالم التعدد المادي إلى عالم الوحدة الإلهي المطلق.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب