كتاب ساكن في سواد النني – مذكرات نهال كمال
لم أشعر حتى الآن أنه قد رحل.. فشل الجميع في إقناعي بذلك! فأحاديثنا لم تنقطع، ونصائحه لا تغادر أذني، وصوره ما زالت تملأ الجدران بهجة، وضحكته يتردد صداها كل يوم وأنا أقرأ كلماته التي خطها لي، ورائحته تعطر البيت، وحبه لم – ولن – يفارق قلبي.
ما زلت أذكر اللقاء الأول، والنظرة الأولى، والكلمة الأولى، والابتسامة الأولى، والنكتة الأولى، والخلاف الأول، والضجة التي أحدثها زواج رجل يقترب من الخمسين بفتاة في العشرينيات.
وما زلت أتعلم منه وأحاول أن أسير على خطاه، وأن أحقق له ما أراد، فقد وهبت حياتي له ولشعره الذي عاش مخلصا له، وصادقا في كل كلمة خرجت منه على الورق، ما زلت أراه جالسا على كرسيه، وممسكا بسماعة التليفون، ومتأملا على مكتبه، ومنشغلا بقراءة كتاب.. ما زلت أراقبه وهو يطمئن على الزرع صباح كل يوم، ويفكر في بناء قطعة جديدة داخل بيتنا الريفي بالإسماعيلية، ويشاهد التليفزيون ويسخر من كل شيء ويضحك من قلبه، ويطمئن على الأحبة ويعرف تفاصيل ما يجري في حياتهم.
ما زلت أشعر أنه “قاعد معايا وبيشرب شاي”
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب