كتاب سريرها وما يليه – طالب عبد العزيز
أكْتُبْ لهم عن الحياة، أيها الشَّاعرُ، عن المقاعد المزدحمة في الحديقة، عن كؤوس النبيذ التي تركها أصحابها، أكْتُبْ لهم، أكْتُبْ. قططُ المقبرةِ أولى منكَ في الكتابةِ عن المَوت. تأملْ صفحةَ النَّهر. ألموتى حسبْ، من لا يُبصرون زوارقَهم على الماء… ارْفعْ سبّابتك عالياً، أغْمِسها في البّحر الازرق، البعيد، الموتى حسبْ، من لا يملكون طائراً أبيضَ، هناك. بِعْ رغيفكَ إلى الذين ليس في قلوبهم أغنيةٌ عن الارض، واشْترِ بثمنه رقصة ماجنةً، زجاجةَ نبيذ، الموتى حسبْ، من لا يعرفون معنى مجاورةِ الوردِ للنبيذ.
لا تدعْ زراراً خاملاً في قميصِ حبيبتك، اِصْعَدْ بلسانِك إلى مهوى قِرطيها.. وإذا شئت، فأنزل عميقاً في ظلام اللجّة، حيث تبغي، الموتى حسبْ، من لا يبلغونَ الأمكنةَ، تلك. قفْ على الشُّرفة، صباح كلِّ يوم، اِحْصِ خيوطَ الشَّمس، التي تسللتْ نديةً، خلل الشَّجرِ والنسمات، ضعْ كفَّ حبيبتك بين يديكَ، فتّشْ عن أحبِّ أصابعِها عندّك، ولتكتبْ إسمَك به، الموتى حسب، لا يجدون من يكتبُ أسماءَهم على المَخمل، وإذا ما ارتويتَ من قُبلٍ وعناق، اِجعلْ صدرَك إلى ظهرِ من تحبّ وتعْشَق ، ضُمّها إليك، وأهْمِسْ في أذنِها: أحبُّكِ.. الموتى حسبْ، مَنْ لا يملكون صدىً لكلماتِهم.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب