كتاب سيجيء الموت وستكون له عيناك – جمانة حداد
مئة وخمسون شاعراً، مئة وخمسون شاعراً انتحروا في القرن العشرين. مئة وخمسون صرخوا (أو همسوا): “كفى” وسبقونا إلى الضفة الأخرى، على رؤوس أصابعهم عبروا، كي لا يوقظوا خوفهم فينتبه ويحول. على رؤوس أصابعهم، لأن الحزن خفيف هو الحزن الخفيف. نعم، مئة وخمسون، في القرن العشرين، انتحروا. مئة وخمسون شاعراً وشاعرة، من ثمانية وأربعين بلداً، من جهات الأرض الأربع، احتقروا، بعشرين لغة مختلفة، وباثنتي عشرة طريقة مختلفة، هذه الحياة “الانتحارية”. مئة وخمسون بطلاً وبطلة ازدروا العروش كلها، الباطلة منها وغير الباطلة، وارتموا في الهاوية. (جبن؟ شجاعة؟ لا يهم. ارتموا). هو كتاب أنطولوجي مستفز وعدواني بسبب “هويته” الانتحارية يرى إلى الشعراء المنتحرين في القرن العشرين، ومن جهات العالم الأربع، بعين شعرية وترجمية، علمية، ومعرفية، ومدققة، وصارمة، ولينة، وعارفة، وذكية، ونزيهة، ومتمرسة بجوهر الشعر وبالترجمات الواثقة من مرجعياتها ومعاييرها اللغوية، ومن معادلاتها ودلالاتها وتأويلاتها الشعرية.
هو كتاب موسوعي عالم، من الصفحة الأولى إلى الصفحة 656. لكن مسكر. وخاطف، ومستول وصافع، ومدوخ، وجالد، ومقلق، ومخيف، وموحش، ومعذب، ومتوحش، وطارد للنوم ومهشل لسكينة الروح، وخصوصاً مسالم وفاتح لشهية المعرفة والاستزادة.
وهو كتاب يصعق قارئه ويصيبه بالدوار، وإن يكن قارئاً “حديدياً”، متماسكاً، ويقف على أرض ثابتة.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب