كتاب ضحك النساء (قصة سلطة) – سابين ملكيور بونيه
ثق بي إذا قلت لك إن هناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن تكون رأيتها أو سمعتها أو قرأت عنها، لكن الكتاب الذي يستولي على شغفك ويمسك بك ويأسرك هو ما يقدّم لك ما رأيت وما سمعت وما قرأت عنه كما لم ترَ ولم تسمع ولم تقرأ… هذا هو كتاب «ضحك النساء»، الذي تقرأه وفي الخلفية موسيقا كلِّ الدراسات المضادة المتمرّدة التي رفعت شعار تفكيك السائد والمهيمن والسلطوي واستعادة المُقصَى والمهمَّش… فالنصوص المهيمنة والسائدة والسلطوية، على كل حال، تحمل في كلماتها بذور تفكيكها، فإذا كان إدوارد سعيد قد استطاع أن يهز أركان عرش الاستشراق، وأن يسقط تماثيل معبوداته المرمّمة، وأن يعري ثقافة الغرب الإمبريالية الروائية والسينمائية والموسيقية، وإذا استطاع ميشيل فوكو أن يسقط سلطة صناعة السجون ومستشفيات الأمراض العقلية الخفية، وإذ استطاع جاك دريدا أن يسقط المركز الذي لا يكون مركزاً بلا هوامش، نقرأ سابين مليكيور بونيه وهي تسقط عرش الذكر من خلال سرد قصة صراع النساء المهمَّشات والمقصيّات في استعادة سلطتهنّ على الضحك؛ ضحك النساء، في عرض تاريخي شيّق وغزير ومتخم بأناقة البحث والعرض والتحليل والنقد… إنه كما يقول الفيلسوف آلان: «انتقام جميلٌ من الاحترام الذي لم يكن مستحقاً».
تاريخياً وكعادته لم يطلب النصّ الذكوري تغطية جسد المرأة فحسب، بل أراد تغطية عقلها، فبعناوين مثل اللباقة، وقواعد المحادثة الجدية والمحترمة، والأخلاق، أراد النص الذكوري للمرأة أن تكون قلباً نقياً وجسداً صامتاً، بعيداً عن الإغواء الذي يفجره الضحك بقوته الجنسية التدميرية، فللمرأة فموان فمها الذي تتحدث به وتضحك وفم رحمها، وقد اجتهد الرجال تاريخياً كثيراً ليؤكدوا أن الفم الأول يستحضر الفم الثاني، وأن اهتزاز الأول بالضحك يؤدي إلى اهتزاز الثاني.
منذ أرسطو وأريستوفانس وكلاسيكيات الأدب والأسطورة، إلى النصوص المقدسة، إلى فرجينيا وولف، وكوليت، ومارجريت دوراس، وناتالي ساروت، إلى عروض النساء الكوميدية اليوم، خاضت المرأة رحلة طويلة لاستعادة سلطتها على حريتها، وضحكها، وجسدها، لتكون امرأة ضاحكة ومضحكة، جميلة وربما شريرة، لا مبالية وربما سخيفة، لكنها ملكة منتقمة من كلّ ما حرمها حريتها باسم الاحترام الذي يسمح لها بأن تبتسم فحسب بدافع الرقة والتسلية، أو تبتسم، كما وُصفت ابتسامة الموناليزا الغامضة والمغلقة، ابتسامةً تكون «أفضل تعبير عن الانسجام الداخلي».
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب