قريبا
كتاب طقوس فنية (كيف يعمل المبدعون) – ماسون كاري
عنوان الكتاب هو طقوس يومية، ولكنني ركزت في الحقيقة، أثناء كتابته، على الرّوتين الإنساني. هذه العبارة تتضمّن شيئاً طبيعياً ومتداولاً، بما في ذلك حضور فكريّ: فاتّباع روتين يعني من ضمن ما يعني تحريك المرشد الآليّ. لكن روتيننا اليوميّ هو في حدّ ذاته اختيار، أيضاً، أو سلسلة من الاختيارات.
يمكن أن تصبح، في الأيادي المناسبة، آلية معيار مرهفة من أجل استثمار مجموعة من الموارد المحدودة: الزّمن (أكثر الموارد محدودية)، وكذلك قوّة الإرادة، الانضباط الذاتيّ، التفاؤل. إن روتيناً متيناً يولّد بيئة مبتذلة بالنسبة لطاقاتنا العقلية، ويساعدنا على تجنّب استبداد تقلّبات المزاج. كان هذا أحد الموضوعات المفضّلة عند وليام جيمس. فهو يعتقد أن المرء يرغب في أن يكون جزءاً من الحياة بشكل تلقائيّ؛ وبابتكار عادات طيبة، يقول: يمكننا «أن نحرّر عقولنا لكي نمرّ إلى حقول الفعل ذات الأهميّة الحقيقية». ومن المفارقات الساخرة أن يكون جيمس نفسه من أولئك الأشخاص المشتّتين الذين يؤجّلون الأعمال إلى وقت متأخّر، عاجزاً عن الحفاظ على جدول زمنيّ منتظم. أيّ طموح لكاتب أو فنان لم يراوده هذا الإحساس من حين لآخر؟ إن تأمّل إنجازات الماضي اللّامعة هو ملهم وغير مشجّع في نفس الآن. لكن بريتش مخطئ، بطبيعة الحال. في مقابل كلّ جيبون متحمّس ومكافح يعمل بلا كلل، متحرّراً من شكوك التقدير الذاتي وأزماته التي تقرّبنا من البشر الفانين، هناك وليام جيمس آخر أو فرانز كافكا؛ عبقريتان عظيمتان تبدّدان الوقت، وتنتظران في فراغ حضور الإلهام، تجرّبان حصارات معذّبة وجفافاً إبداعيّاً، وتعانيان من شكوك وانعدام الأمان.
في الواقع، معظم الأسماء التي تظهر في هذا الكتاب تلتقي عند نقطة مشتركة ما: مستسلمين للعمل اليومي، ولكن غير واثقين أبداً من مردوديته. دائماً متوجّسين من اليوم السيّئ الذي تتراجع فيه إنجازاتهم. كلّهم يجدون الوقت اللّازم لإتمام إبداعاتهم. لكن ثمة اختلافات لانهائية بخصوص الطريقة التي يهيكلون بها حياتهم لحسن استغلاله.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب