كتاب غيرة اللغات – أدريان ن. برافي
أتُراه من الممكن أن يتخلَّى المرء عن لغته، إذا ما وضعنا في الاعتبار أنَّ اللغة ليست مجرَّد وسيلةٍ للكلام فحسب، أو أنَّها بالأحرى لا تتعلَّق بمنظومةٍ نحويَّةٍ فحسب، وإنَّما بطريقة تصوُّرنا للأمور أيضاً؟ قد يحدُث، نتيجةَ تقلُّباتٍ حياتيَّةٍ مختلفة، أن ندير لها ظهرانينا، أو أن نبتعد عنها، أو أن نستبدل بها لغةً أخرى، ولكن أغلب الظَّنِّ أنه ليس بإمكاننا الانفصال عن أمومة اللغة التي يتَّفق الجميع على أنَّها الأصل الذي لا يمكن إلغاؤه، حتى عندما يُقيَّض لنا أن نرى العالم في ضوءِ لغةٍ جديدة. فأمومة اللغة لا تعلِّمنا الكلام فحسب، ولكنَّها تعطينا نظرةً، وشعوراً، وتصوُّراً حيال الأشياء. قواعد تركيبها تشكِّل منظوراً وزاوية رؤية.
يمكننا أن نغلِّف قصصنا بلغاتٍ أخرى، ولكنَّ أمومة لغتنا الأصليَّةِ ستبقى حاضرةً وستحتجُّ علينا؛ ذلك أنَّها طريقة وجودٍ، وحياةٍ، وتفكيرٍ، بغضِّ النَّظر عن طريقة التَّعبير بها. إنَّها فنُّ تأويلنا للعالم؛ ونحن في النِّهاية إنَّما نتكلَّم لغتنا الأمَّ بلغاتٍ أخرى كثيرة.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب