كتاب فلسفة الفكاهة – تيري أيغلتون
تبدأ العديد من الدراسات الجيدة المتعلقة بالفكاهة باعتراف خجول، يفيد أن تحليل الدعابة يعني تدميرها بالكامل، وهذا في الحقيقة لا يعبر عن الواقع، بل الصحيح أنه إذا أردت إضحاك الآخرين، لا يُنصح بأن تلقي الدعابة وتحللها في الوقت عينه. لكن قلة هم الكوميديون الذين يطرحون تساؤلات نظرية خاصة بدعاباتهم لحظة إلقائها، عادة ما يتم العثور على هؤلاء في مكاتب مراكز الأعمال، بدلا من النوادي والمسارح «بالطبع هناك استثناءات: مثل الممثل الكوميدي المتميز ستيوارت لي، الذي يحلل الكوميديا الخاصة به أثناء إلقائها ويحلل استجابة الجمهور لها». من ناحية أخرى، تستطيع الفكاهة وتحليلها أن يكونا جنبا إلى جنب. إن فهم طريقة عمل الفكاهة لا يعني بالضرورة تدميرها، ففهم الطريقة التي تعمل وفقها القصيدة لا يعني تدميرها أيضا. تشغل الفكرة النظرية والعملية مجالين مختلفين، فكما أن المعرفة التشريحية بالأمعاء الغليظة لا تشكل أي عائق أمام الاستمتاع بالوجبة، وكما يعيش أطباء أمراض النساء حياة زوجية طبيعية، ويشعر أطباء التوليد بالدهشة أمام الأطفال الرضّع، يواجه علماء الفلك كل يوم حقيقة أن الأرض لا تشكل سوى جزء ضئيل من الكون ولا يؤدي هذا إلى وقوعهم في براثن الاكتئاب ولا يقفزون من أعلى جُرف، أو على الأقل لا يقومون بهذه الأفعال لهذا السبب.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب