كتاب فيودور دوستويفسكي ما له وما عليه – آنا غريغوريفنا
رشحني أستاذي في الإختزال لتسجيل المقامر بمائتي صفحة وبأجر 50 روبلا، خفق قلبي فرحاً للتعرف على كاتب كنت أبكي عندما أقرأ روايته مذكرات من البيت الميت.
تصورته شيخاً بعمـر والـدي، عبوساً كتيبـاً كمــا يـصـوره الكثيرون، وجئـت إلـيـه في الموعـد المحـدد. كان يقيم في شقة متواضعـة بـعمــارة فخمـة يسـكنها تجـار وباعـة وحرفيون. وذكرتني في الحال بالعمـارة التي يقيم فيهـا راسكولنكوف بطـل الجريمة والعقاب، مكتبه واسـع بنافذتين مضيئتين أيام الصحـو، لـكـن جـوه فيـا عـدا ذلـك حـالـك سـاكن يتقـل عـلى النفس، وعندما رأيتـه لأول مرة خيـل إلى أنـه عـجـوز بالفعل، ولكـن مـا إن تحـدث معـي حتـى تضاءلـت سـنـه وبـدا لي في الخامسة والثلاثين.
كان متوسـط البنيـة معتـدل القامـة، شـعره كستنائي فاتـح أقـرب إلى الأشقر، مدهـون ومصفوف بأناقـة. وجهـه شـاحب كوجـوه المـرضى. يرتدي سترة مـن الجـوخ الأزرق تكاد تكـون باليـة، إلا أن قميصـه ناصع البياض بياقـة منشـاة وردنـين بارزين. ولكـن مـا أدهشـنـي فـيـه هـو عينـاء، لاختلافهـا الواضـح. إحداهمـا بـنيـة، وفي الأخـرى بؤبؤ متسع يحتل فضاء العين ويأتي على معظم القزحية، مما يجعل من نظراته لغزاً من الألغاز.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب