كتاب في حديقة الملك – ميادة العسكري
الكتاب عبارة عن جولة في أروقة ذاكرة خاصة تتعلق بزمن عراقي يمتد من تأسيس المملكة العراقية إلى يومنا هذا .. ولعل حديقة الملك هذه ستحفز ذاكرة كثير من الناس حول الحياة في العراق التي كان الناس فيها – من جميع الطبقات والمشارب- ينامون وبيوتهم غير موصدة بل مفتوحة الأبواب إلى الصباح..
وفي تلك الأيام أيضًا.. كان الغنى الفاحش سبّة، والمعلم والمدرس مهابين لدرجة التبجيل من قبل الجميع. وكان العمل شرفًا وامتلاك الحاجات المادية ترفًا لا يتطلع إليه الجميع، فالقناعة فعلًا كانت راسخةً في النفوس..
وكان كلٌّ من المسؤول الحكومي ورئيس الوزراء والوزير لا يمتلك حاشية تسد عين الشمس والطرقات وتمنع الناس عن انسيابية الدروب. في تلك الأيام كان نوري باشا السعيد لا يرافقه إلا شرطي بسيط، ونثريات وزارته لم تكن ملكًا خاصًا به أو بعائلته!
في حديقة الملك حكاياتٌ عن تأسيس العراق وبساطة العيش والأمل المتاح للجميع بمستقبل أفضل.. حكاياتٌ عن شارع الرشيد ومقاهي بغداد العباسية.. جوامعها وقبابها وكنائسها في زمن كانت الطائفة ملكًا شخصيًّا يجمع أهل المحلة الواحدة ولا يفرّقهم.
وعبر أروقة شارع المتنبي حكايات من زمن ما عاد معنا.. حيث عمارات وأبنية وزواريب تعود بنا إلى زمن كان لأصحاب المحال خلاله تفاهم داخلي يسمونه قانون التجار.. فإذا انهار تاجر لأي سبب، كان إخوته من أصحاب المكتبات أو المطابع يساندونه ويدعمونه لأنهم يعلمون أن الدنيا كما يقول المثل العراقي الأثير “فلك ويدور علينا كلنا”.
وفي أروقة قصر شعشوع حكايات من ماضٍ قريبٍ حيث كان يسكن الملك فيصل الأول في بناء أبعد ما يكون عن القصر.. جماليته في بغداديته التامة وإطلالته الرائعة على نهر دجلة، حيث بنى شعشوع التاجر اليهودي قصره متأسّيًا بالطريقة التي كان الخلفاء من بني العباس يختارون من خلالها مواقع أبنيتهم بترك قطع اللحم فيها بضعة أيام لرؤية مدى ما يصيبها من تلف.
الكتاب ليس تسجيلًا لتفاصيل تاريخية وإنما هو ببساطة مذاق لذكرياتي الخاصة وذكريات أمي وأبي وأهلي.
إنه ببساطة تدوين لجزئي الخاص من العراق كما عرفته.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب