كتاب قوس النصر (الفن الشمولي في عراق صدام) – كنعان مكية
بعد كل ما حدث في العراق “الجديد” منذ العام ٢٠٠٣، ما معنى “مواجهة” نصب قوس النصر اليوم؟ “مواجهة النصب” عملية استذكار تقابلها عملية نسيان، ولكن النسيان لا يحدث بتدمير رموز أنظمة الماضي، لأننا في اللحظة التي نختار كشعب أن يتحوّل هذا النصب إلى رمز لإستذكار قسوة النظام السابق، ينقلب معناه الأصلي الذي أراده صدام إلى عكسه تماماً، لن يعود رمزاً يمجّد الإستبداد، بل شاهد على ذلك الإستبداد نفسه.
قد يسقط نظام حكم ليحلّ مكانه نظام حكم جديد، ولكن القبح والإبتذال المقترن بالأوّل يتفاقم في الثاني، هذا هو الدرس الحقيقي لما شُيّد في ساحات النجف والكوفة وما يماثلها في سائر مدن العراق.
ليس هناك شكّ في أن العلاقة وثيقة بين قبح قوس النصر الذي ترجع فكرته إلى خطاب ألقاه صدام حسين في ٢٢ نيسان (أبريل) ١٩٨٥، وسيوف النجف والكوفة المبتكرة في نهاية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.
لقد تسرّبت القيم الجمالية التي أرساها الطاغية عبر الأجيال، لتضرب اللاوعي العراقي في الصميم، حدّ أنها شوّهت إنسانيتنا كلّنا.
بدأنا يقبح الشكل والرمز والمادة التي جاءتنا من الدولة الشمولية في العراق (١٩٦٨ – ٢٠٠٣)، ولكننا انتهينا إلى ما هو أهم من ذلك بكثير: هبوط أخلاقي شامل يمثّل خطراً على مستقبل كل عراقي.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب