كتاب كانط والحداثة الدينية – أم الزين بنشيخة المسكيني
جيل كامل من العقول والنخب الصغيرة ترعرع في أحضان التنوير مثلما صاغته، عام 1784، مقالة صغيرة للفيلسوف الألماني إيمانويل كانط: “ما هو التنوير؟”. وفي الحقيقة مثّلت هذه المقالة أفقاً عاماً لأجيال من العقل العربي، رئة أخرى لاستنشاق رائحة الحرية في ظلّ أنظمة استبدادية تستعبد الأجسام والعقول. قبل الرابع عشر من كانون الثاني، مثّل التنوير للفلسفة في الوطن العربي الكبير بديلاً ممكناً عن الثورة، إمكانية للتحرر بعقولنا ونصوصنا ومدارسنا من جهلوت الاستبداد وطاغوته وسحقه اليومي للمساحات الحرة. وبالرغم من أن التنوير قد غيّر من مواقعه ومن عناوينه مرات عديدة فإن العقل الفلسفي العربي ما انفكّ في عود على بدء، استئنافاً أو اختصاماً أو مغايرة، للأفق الوسيع لتنوير رسالته الأولى “تجرؤوا على استعمال عقولكم”.
ما الفرق بين التنوير والثورة؟ وإلى أي مدى بوسعنا أن نستعمل عقولنا في مدننا الحالية المؤقتة؟ وماذا نستعمل من أنفسنا ونحن في حالة ثورة لا نعرف مصيرها؟ عقولنا أم غضبنا؟ وهل يصلح العقل كي تولد الثورات وتزهر وتترعرع؟
في هذا الكتاب نميز بين التنوير والثورة من خلال فلسفة كانط، فهناك فلاسفة يصنفون ثوريين، وهناك آخرون يصنفون محافظين. إلى أي صنف ينتمي كانط؟ ليس كانط فيلسوفاً ثورياً، وليس فيلسوفاً محافظاً. هذه هي المفارقة التي يعالجها هذا الكتاب: كان كانط معجباً بالثورة الفرنسية ويعتبر التمرد على صاحب السيادة حقاً غير شرعي أصلاً. لماذا فضّل التنوير على الثورة؟
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب