كتاب لصوص النار (قصة العبقرية) – عبد الرحمن أسامة سفر
كتب المؤرخ المهم بلوتارخ قبل الميلاد:
“كون عمل فني نجح في تخليب لبنا، لا يعني ذلك بالضرورة أن صانعه يستحق تقديرنا.”
قراءة هذه المقولة تجعل المرء يتفكر في حيوات أولئك الذين نظرنا إليهم أنهم بشر فوق البشر، أولئك الذين منحناهم ألقاب مثل “العظماء”، “الخالدين”، أو “العباقرة”، وذلك يدعونا للتفكر في كمية الأمور التي نجهلها عن حياتهم رغم أننا نمجدهم ونكاد نقرنهم بالرسل، ونلاحظ تحرجا عن الكتاب والمؤرخين من تدوين مثل تلك الحقائق أمام العلن، وقد يكون ذلك بسبب تحرجهم من ذكر مثل تلك الأمور، أو أنهم ظنوا أنها تفقد العبقري قدره ومكانته.
هذه الأفكار دفعتني للتسائل: ما هي الأمور الأخرى التي نجهلها في حيواتهم؟ ما هي الأمور التي خفيت عنا؟
على سبيل المثال، على مدار القرون، كان هناك إيمان قوي أن العبقري يولد كذلك: “عبقري”. ويبدو أن مثل ذلك الإيمان لا يزال مترسبا في عقلنا الجماعي، رغم أن العلم السلوكي الحديث ودراسة حيوات العباقرة أثبت لنا أن هذه الأفكار تنتمى إلى نفس الرف الذي وضعنا عليه فكرة سطحية الأرض وأن الأبراج السماوية طريقة ممتازة لمعرفة شخصية المرء.
هناك الكثير مما لا نعرفه عن العباقرة، وقد يكون أهم نقطة في هذا الحديث أننا لا نملك تعريفا واضحا للعبقرية، فهي ليست وظيفة واضحة مثل المعلم والمهندس والشرطي، وليست مبدء فضفاضا مثل السعادة والنجاح والحب، وفي أغلب الأحيان إذا سألت عدة أشخاص عن التعريف، فإنك ستحصل إجابات متباينة (البعض سينسبها إلى الموهبة الفطرية، الآخرون سينسبونها إلى معدل الذكاء، وآخرون سينسبونها إلى الإلهام)، لكن التحقيق في هذا الموضوع يدلنا على أن صناعة العبقرية هي أكثر تعقيدا مما نتصور، وأنه بينما قد تكون معادلة العبقرية عضوية، إلا أنها ذات خطوات محدد وواضحة، والأهم من ذلك، أنه حتى لو استوفى المرء معطيات تلك المعادلة، فإنه قد يفشل في الوصول إلى تلك المرتبة: العبقرية.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب